الانتخابات الأمريكية 2020: هل يستطيع ترامب تغيير النتيجة؟
مر نحو أسبوعين على الإعلان الأولي عن فوز جو بايدن في الانتخابات الأمريكية، وما يزال دونالد ترامب يرفض الإقرار بالهزيمة. فهل لديه خطة لتغيير هذه النتيجة؟
تبدو استراتيجية الرئيس القانونية في الطعن في نتائج الانتخابات وكأنها تلقى أذاناً صماء داخل محاكم البلاد. إذ أن فريق ترامب لم يحقق بعد نصراً واضحاً أو يقدم دليلاً على وجود تزوير واسع النطاق، بعد رفعه عشرات الدعاوى القضائية.
وقال كبير محاميي ترامب وعمدة نيويورك السابق رودي جولياني إن الحملة تخلت عن الدعاوى القانونية التي رفعتها في ميشيغان، حيث فاز بايدن بأكثر من 160 ألف صوت.
وفي جورجيا، صادقت الولاية على نتائجها التي أظهرت تقدم بايدن بفارق 12 ألف صوت بعد إعادة فرز يدوية لنحو 5 ملايين بطاقة اقتراع.
وبينما توصد أبواب البقاء في المنصب، يبدو أن الرئيس بات يحوّل استراتيجيته لقلب نتائج الانتخابات من كونها معركة قانونية طويلة المدى إلى معركة سياسية أطول.
- الانتخابات الأمريكية 2020: لماذا تصعب مقارنة السباق الرئاسي الأخير بما جرى قبل 20 عاما في فلوريدا؟
- الانتخابات الأمريكية 2020: ماذا سيحدث إذا تعادل عدد أصوات ترامب وبايدن
- الانتخابات الأمريكية 2020: هل سيُعلن الفائز نهاية يوم التصويت أم تشهد البلاد صراعا سياسيا؟
- الانتخابات الأمريكية: الجمهوريون في ميشيغان يسعون لتأجيل التصديق على نتائج التصويت
دليل مبسط لاستراتيجية ترامب
فيما يلي ما قد يأمل ترامب في تنفيذه:
1. منع عملية التصديق على النتائج في أكبر عدد ممكن من الولايات، سواء من خلال الدعاوى القضائية أو تشجيع المسؤولين الجمهوريين على الاعتراض عليها
2. إقناع المشرعين الجمهوريين داخل الولايات التي فاز فيها بايدن بهامش ضئيل بأن يرفضوا نتائج التصويت الشعبي باعتبارها فاسدة بسبب عمليات تزوير واسعة النطاق
3. دفع المشرعين لمنح أصوات ولاياتهم داخل المجمع الانتخابي في يوم الرابع عشر من ديسمبر/ كانون الأول لصالح ترامب بدلاً من بايدن.
4. القيام بما سبق داخل عدد كاف ٍمن الولايات – مثل ويسكونسن وميشيغان وبنسلفانيا- لزيادة أصوات ترامب داخل المجمع الانتخابي من 232 صوتا إلى أكثر من 269 صوتاً وهو ما يحتاجه للفوز.
5. وربما تكلل جهوده بالنجاح إذا حدث واستطاع أن ينتزع أصوات من الأغلبية التي حصل عليها بايدن داخل المجمع الانتخابي وعددها 306، لأنه عندئذ ستقرر النتيجة داخل مجلس النواب، وهو وإن كان يخضع لسيطرة الديمقراطيين، تبقى لترامب أفضلية نتيجة لعض القواعد القانونية الملتبسة.
ماذا يفعل ترامب من أجل تحقيق ذلك؟
يمارس ترامب ضغوطاً على الأشخاص الذين يمكنهم تغيير من تختاره الولاية لمنصب الرئيس.
فحين يصوت الأمريكيون في الانتخابات الرئاسية، هم في الواقع يصوتون في سباق على مستوى الولاية لا على مستوى البلاد. هم يصوتون لصالح ناخبي الولاية (أعضاء المجمع الانتخابي) الذين يصوتون بدورهم لصالح المرشح الرئاسي. وعادة ما يتبع هؤلاء الناخبون إرادة الدائرة الانتخابية. ففي ميشيغان على سبيل المثال سيصوت جميعهم لصالح بايدن الذي فاز بأصوات الولاية.
ومن المقرر أن يجتمع يوم الإثنين مجلس لفرز أصوات الولاية مؤلف من عضوين جمهوريين وعضوين ديمقراطيين لاحتساب الأصوات والتأكيد رسمياً على حصول بايدن على كافة أصوات الولاية داخل المجمع الانتخابي، وعددها 16 صوتا.
الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2020: هل يرفض دونالد ترامب مغادرة البيت الأبيض؟
وكانت الإشارة الأولى لمحاولة ترامب الضغط على ولايات بعينها كي تتجاهل نتيجة إحصاء الأصوات، قد ظهرت عقب تقارير عن اتصاله بمسؤولين جمهوريين اثنين كانا قد رفضا التصديق على نتائج الانتخابات في ديترويت كبرى مدن ميشيغان.
ويعد اتصال الرئيس الأمريكي مباشرة بهذين المسؤولين- وهما من صغار المسؤولين الحزبيين- من بين الالاف من نظرائهم أمراً غير معتاد.
غير أن المسؤولين تراجعا في نهاية الأمر عن رفضهما التصديق على نتائج الولاية.
ثم صارت هذه الإشارات دليلاً واضحاً على النية، حين قبل مشرعون جمهوريون في ميشيغان دعوة رئاسية لزيارة البيت الأبيض يوم الجمعة.
وخرجت هذه الأنباء مصحوبة بتقارير عن عزم الرئيس إيجاد سبل أخرى للضغط على مشرعي الولايات الحاسمة من أجل مراجعة -وربما تغيير- نتائجها.
وصار التصديق من جانب الحزبين على نتيجة تصويت الولايات -وهو إجراء رسمي في الانتخابات العادية- أحدث ساحة للمعركة في محاولات الرئيس الاحتفاظ بالسلطة خلال السنوات الأربع المقبلة.
هل يمكن لمحاولات ترامب أن تنجح؟
ليس مستحيلا، لكن الفرص ضئيلة جداً جدا.
ففي البداية، يتعين على الرئيس أن يقلب النتائج في ولايات عدة تراوح فيها تقدم بايدن من عشرة آلاف صوت إلى أكثر من مئة ألف. وليس الوضع مثلما كان عليه عام 2000 حين كان الخلاف على نتيجة الانتخابات مرهوناً بولاية فلوريدا فقط.
والأكثر من ذلك، أن العديد من الولايات التي يستهدفها فريق ترامب القانوني -وهي ميشيغان وويسكونسن وبنسلفانيا ونيفادا- لديها حكام ديموقراطيون، لا يمكنهم أن يجلسوا مكتوفي الأيدي وسط كل ما يحدث.
ففي ميشيغان على سبيل المثال، يمكن للحاكم، غريتشن ويتمر، إبعاد المجلس الانتخابي الحالي للولاية وتعيين آخر يمكنه التصديق على فوز بايدن.
ويمكن لحكام الولايات الديمقراطيين اختيار قائمة من الناخبين المؤيدين لبايدن في مقابل أولئك الذين يختارهم الجمهوريون، وفي النهاية يعود الأمر للكونغرس في اختيار الفريق الذي سيعترف به.
بيد أن هذا لا يعني أن أنصار بايدن ليسوا قلقين. فرغم أن احتمالات حدوث ذلك تتشابه مع احتمالات سقوط نيزك على الأرض أو اصطدام البرق بشخص أثناء فوزه باليانصيب، فإن انتزاع النصر من بايدن في هذه اللحظة سيكون حدثاً سياسياً كارثيا، لدرجة أن مجرد احتمال بعيد لحدوثه كفيل بأن يسبب الذعر للديمقراطيين.
هل تعتبر استراتيجية ترامب قانونية؟
أمضى ترامب أغلب وقته في البيت الأبيض مخالفاً الأعراف والتقاليد الرئاسية. ويبدو أن الأيام الاخيرة من ولايته لن تختلف عن ذلك.
ولكن كون الضغوط التي يمارسها ترامب على مسؤولي الانتخابات أو مشرعي الولايات غير مسبوقة أو مثيرة للجدل، لا يعني أنها بالضرورة أنها غير قانونية.
فخلال الأيام الأولى من عمر الولايات المتحدة كان لمشرعي الولايات سلطات واسعة في كيفية تخصيص الأصوات الانتخابية، وحتى الآن لا يوجد ثمة شرط دستوري يفرض التزامهم بنتائج التصويت الشعبي. ومنذ ذلك الحين تم تقييد هذه السلطات عن طريق تخصيص أصوات المجمع الانتخابي بناء على نتائج التصويت الشعبي، في حين تظل ركائز النظام الأصلي قائمة.
وفي حال نجح الرئيس في إقناع مشرعي ولاية ما مثل ميشيغان بأن يتصرفوا وفق إرادته، فالديمقراطيون بالتأكيد سيقدمون اعتراضات قانونية.
والقانون – على المستوى الوطني ومستوى الولايات- غير واضح، لأن هذا المسألة نادراً ما أثير الخلاف بشأنها.
فهل يمكن للولايات أن تقوم بأثر رجعي بتغيير القوانين التي تدير الانتخابات؟ ربما. لكن الحكم النهائي سيكون متروكاً للقضاة.
هل حاول أحد من قبل القيام بذلك؟
عام 2000 كانت آخر انتخابات شهدت نتائج متقاربة ومعركة بشأن أصوات المجمع الانتخابي، وقد تنافس فيها المرشحان الديمقراطي آل غور والجمهوري جورج دبليو بوش. وكان الخلاف بشأن ولاية واحدة هي فلوريدا، حيث كان الفارق في الأصوات التي حصل عليها المرشحان بضع مئات. وفي نهاية الأمر تدخلت المحكمة الأمريكية العليا وأوقفت إعادة فرز الأصوات، وصار بوش رئيسا.
أما إذا أردنا معرفة ما حدث في انتخابات سابقة شهدت نزاعات قانونية في عدة ولايات، فعلينا أن نعود إلى عام 1876، حيث السباق بين الجمهوري رَذرفورد بي هايس والديمقراطي صامويل تيلدون.
وحينها أدى التنازع بشأن نتائج الانتخابات في ولايات لويزيانا وساوث كارولينا وفلوريدا إلى عدم حصول أي من المرشحين على أغلبية أصوات المجمع الانتخابي. وانتقل الأمر لمجلس النواب الذي حكم لصالح هايس، والذي كان قد فاز بعدد أصوات أقل من منافسه في التصويت الشعبي كحال بوش عام 2000 وترامب عام 2016.
ماذا سيحدث في حال رفض دونالد ترامب مغادرة المنصب؟
إذا باءت محاولات ترامب لتغيير نتائج الانتخابات بالفشل، سيؤدي جو بايدن اليمين كرئيس الولايات المتحدة السادس والأربعين، بعد دقيقة واحدة من ظهر يوم 20 يناير/ كانون الثاني، سواء أقر ترامب رسمياً أم لم يقر.
وعندئذ يحق لجهاز الأمن والجيش الأمريكي معاملة الرئيس السابق بالطريقة التي قد يُعامل بها أي فرد غير مصرح بوجوده داخل منشأة حكومية.
وفي هذا الإطار قال بايدن في مؤتمر صحفي يوم الخميس: “ما يفعله أمر مشين، إنه يبعث برسائل مدمرة إلى بقية العالم بشكل لا يصدق بشأن كيفية عمل الديمقراطية”.
وحتى إن لم ينجح الرئيس، فإن استراتيجية الأرض المحروقة التي يتبعها في الطعن في نتائج الانتخابات تشكل سابقة لانتخابات قادمة، وتقوض ثقة الكثير من الأمريكيين في الأنظمة والمؤسسات الديمقراطية، وفقاً لاستطلاعات الرأي.