جائحة كورونا تعرقل جهود مكافحة الإيدز في العالم العربي!
اخبار اليوم – يحيي العالم في الأول من ديسمبر/ كانون الأول كل عام اليوم العالمي للإيدز. لكن هذا العام تخيم جائحة كورونا على هذا اليوم، حيث العالم منشغل بالجائحة وتداعياتها. فكيف أثرت الجائحة على جهود مكافحة الإيدز في العالم العربي؟
أم تنظر بحسرة وحزن إلى رضيعتها، إذ لا تستطيع سد جوعها من حليبها الطبيعي بسبب إصابتها بالإيدز، ولا حتى توفير غذاء بديل لها جراء تدهور الوضع المادي للأسرة. إنها قصة من بين قصص أخرى مشابهة روتها نساء مصريات عن معانتهن مع مرض الإيدز في ظل جائحة كورونا، لموقع “احكي” الإلكتروني في مقال نُشر تحت عنوان “متعايشات الإيدز والمعاناة المزدوجة من كورونا”.
منى (اسم مستعار) تواجه تحدياً كبيرا في توفير الحليب لرضيعتها لإصابتها بالإيدز وعدم تمكنها من اللجوء للرضاعة الطبيعة، وتقول “بنتي بتاخد لبن صناعي كل 3 أيام العلبة بـ120 لدرجة أن جوزي انتكس ورجع للإدمان تاني بسبب ظروفنا”.
في حديث آخر للموقع مع إحدى المتعايشات مع مرض الإيدز، قالت للموقع “عقب تفشي وباء كورونا، استسلمت بعض الأمهات المتعايشات مع المرض لقرار الرضاعة الطبيعية لعدم امتلاكهن ثمن اللبن الصناعي”. فرغم إصابتها بكورونا ووصولها إلى حالة متقدمة من المرض، لم تستطع سعاد (اسم مستعار) الذهاب إلى الطبيب و طلب العلاج خوفاً من وصمة العار التي ستلاحقها عند الاعتراف بإصابتها وخشيتها أيضاً من تكرار موقف تعرضت له في الماضي آلمها كثيرا، كما روت السيدة الأربعينية لموقع “احكي” وقالت “المرة التي قلت فيها للطبيب أني حالة إيدز وأتيت لأخذ حقن مجهري، قال لي ليموت الذين مثلك، وذلك أمام المرضى الذين ابتعدوا كلهم عني وفضحني أمامهم”.
لم تعلم سعاد أنها حاملة لفيروس (إتش.آي.في)، إلا بعد مرور ثلاثة أعوام، عقب فقدان طفلتها الثانية والتي توفيت نتيجة انتقال العدوى لها عن طريق الرضاعة الطبيعية. يعود تاريخ إصابتها بالفيروس إلى عام 2004، حيثأصيبت بالفيروس نتيجة إجراءات طبية خاطئة، منها استخدام الأدوات غير المعقمة، على حد قولها، حيث أن “الطبيب كان مرتديا قفازات ويتنقل من سيدة لأخرى، وأنجبت الولد الأول وتوفي”.
كورونا يفاقم الوضع ومعاناة المصابين بالإيدز
يحتفل العالم سنويا باليوم العالمي للإيدز في الأول من ديسمبر/ كانون الأول من كل عام. خُصص هذا اليوم من أجل التوعية بمخاطر هذا المرض وتقديم الدعم لما يناهز 37,9 مليون شخص مصابين بالفيروس حول العالم. غير أن فيروس كورونا الذي ظهر حديثاً، ألقى بظلاله على المشهد هذا العام.
وبحسب تقرير لمنظمة الصحة العالمية، فقد وصل عدد الأشخاص الذين أصيبوا بفيروس (إتش.آي.في) المسبب لمرض الإيدز في العالم إلى 37,9 مليون شخص. تلقى 23,3 مليون شخص العلاج المضاد للفيروس، ووصل عدد المصابين حديثاً بفيروس متلازمة نقص المناعة البشرية المكتسبة (الإيدز) إلى 1,7 مليون شخص، وقضت الأمراض المرتبطة بالإيدز على حوالي 770 ألف شخص.
ورغم التقدم الذي أحرز خلال الأعوام الماضية، إلا أنبرنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإيدز حذر من ارتفاع حصيلة المصابين بفيروس الإيدز في العالم بسبب كوفيدـ19. وتشير بيانات جديدة إلى تأثير الجائحة على المدى الطويل على الاستجابة العالمية لمكافحة فيروس الإيدز. وتقول الوكالة الدولية المعنية بمكافحة الإيدز UNAIDS إنه قد يكون هناك ما يقرب من 300 ألف إصابة جديدة بفيروس نقص المناعة البشرية من الآن وحتى عام 2022، وما يصل إلى حوالي 500 ألف حالة وفاة أخرى مرتبطة بالإيدز.
تحديات الجائحة
جائحة كورونا كان لها تأثير واضح على برامج الدعم والعناية بمرضى الإيدز، كما ساهمت في عرقلة جهود محاربة هذا المرض الخطير، حسب ما ذكرت الدكتورة، فتيحة غفران في حديثها لـ DW. إلى جانب عملها، تشرف غفران أيضاً على أحد مشاريع الجمعية الإفريقية لمحاربة الإيدز في المغرب، وهي أول جمعية لمكافحة الإيدز في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تأسست عام 1988. في مستهل حديثها ذكرت غفران أن “وباء الإيدز لم ينته بعد، بل على العكس من ذلك فإن إجراءات الحجر الصحي والتباعد الاجتماعي، ساهمت في تقليص عدد الخدمات وبرامج الدعم والتكفل الطبي والنفسي والاجتماعي للأشخاص المتعايشين مع فيروس الإيدز”.
وأشارت غفران إلى بعض التحديات التي اعترضت طريقهم مع بداية الجائحة، وقالت “وجدنا أنفسنا مضطرين للتأقلم والمساهمة حتى في محاربة وباء كوفيدـ19 عن طريق تلبية حاجيات جديدة ظهرت عند الفئات الأكثر ضعفا، مثل توفير المعقمات والكمامات من أجل حمايتهم من مرض كوفيدـ19. التحدي الآخر هو أن الحجر الصحي شكل عائقاً أمام إيصال الدواء للمرضى، ولهذا حاولنا إيجاد طرق أخرى لإيصال الدواء، منها البريد”.
علاوة على ذلك، ذكرت الدكتور فتحية غفران تحدي توصيل المعلومات المرتبطة بالوقاية عبر وسائل التواصل الاجتماعي مثل “واتساب” وتشكيل مجموعات وجلسات عن بعد وحصص مواكبة للمرضى. كما أن الجائحة شكلت عائقاً كبيراً أمام عملية إجراء اختبارات الكشف عن المرض والوصول إلى وسائل الوقاية.
إخفاق تحقيق أهداف 2020
كما عبرت غفران، عن تخوفها من تأثير الجائحة على جهود الجمعيات والمنظمات الإنسانية لمكافحة المرض، وتوقعت تسجيل ارتفاع ملحوظ في عدد الحالات المصابة بالإيدز خلال السنة القادمة.
يذكر أن برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس متلازمة نقص المناعة البشرية المكتسبة (الإيدز) قد أعلن في السابق عن مبادرة تهدف إلى القضاء على الإيدز عام 2014 والتي عرفت باسم “استراتيجية 90-90-90”. وكان هدف المبادرة هو ضمان معرفة 90 في المائة من المتعايشين مع الفيروس، وتلقي 90 في المائة من المصابين بالفيروس للعلاج، وانخفاض الحمل الفيروسي لدى 90 في المائة ممن يتلقون العلاج بحلول عام 2020.
في تصريح له، نقلا عن وكالة أنباء الشرق الأوسط، قال مدير منظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط الدكتور أحمد بن سالم المنظري، إن الإنسانية تحتفل، اليوم باليوم العالمي للإيدز لعام 2020 وكان مقرراً أن يكون هذا العام علامة فارقة في تحقيق الغايات العالمية “90-90-90”.
من جهة أخرى ذكر برنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإيدز في تقرير سابق له خلال هذا العام أنه “لن يتم تحقيق الأهداف العالمية المتعلقة بإتش.آي.في العام 2020… وحتى المكاسب التي تحققت يمكن أن تضيع ويتعثر التقدم بدرجة أكبر إذا لم نتخذ الإجراءات المطلوبة”.
- حقائق وأرقام عن الإيدز وفيروس نقص المناعة المكتسبما الفرق بين فيروس نقص المناعة المكتسب والإيدز؟يدل الرمز HIV على فيروس نقص المناعة المكتسب، الذي يدمر خلايا معينة من الجهاز المناعي. بدون علاجه يمكن لمسببات الأمراض مثل البكتيريا والفطريات أو الفيروسات مهاجمة الجسم. فيُصاب بالأمراض المختلفة كالالتهاب الرئوي الحاد. وهنا يصبح الإنسان مريضاً بالإيدز. لا يموت المريض بإصابته بفيروس نقص المناعة المكتسبة، لكن بسبب أحد هذه الأمراض التي لم يعد الجسم قادراً على مقاومتها.
- حقائق وأرقام عن الإيدز وفيروس نقص المناعة المكتسبمتى شُخصت الإصابة الأولى؟رغم الكثير من التكهنات والنظريات عن تاريخ المرض، وبعضها لا يخلو من نظرية المؤامرة، فقد تم تشخيص أولى حالات الإصابة بالإيدز في الخامس من حزيران/ يونيو 1981 عندما اكتشفت وكالة مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها عدداً من حالات الإصابة بالالتهاب الرئوي بالمتكيسة الجؤجؤية لدى خمسة رجال من المثليين في لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا الأمريكية.
- حقائق وأرقام عن الإيدز وفيروس نقص المناعة المكتسبهل ما زال المرض قاتلاً؟في الثمانينات لم يكن هناك أي أدوية لعلاج العدوى بفيروس نقص المناعة المكتسب، فقد كانت الإصابة به تعني عملياً الإصابة بالإيدز، وكان تشخيص “فيروس نقص المناعة المكتسب” معادلاً لـ “الحكم بالموت”. عمَّ حينها الخوف من وباء حقيقي. وفي منتصف التسعينات ظهرت أولى الأدوية في السوق، والتي يمكن أن تبطئ تطور المرض على الأقل رغم آثارها الجانبية الخطيرة.
- حقائق وأرقام عن الإيدز وفيروس نقص المناعة المكتسبما حجم خطر العدوى؟الفيروسات هي المسؤولة عن العديد من الأمراض المعدية لدى الإنسان، بعض الفيروسات كفيروسات الإنفلونزا يمكنها أن تنتقل بسرعة كبيرة نسبياً، ويكفي أحياناً التعرض لسعال الآخرين في الباص مثلاً لانتقال العدوى. لكن انتقال فيروس HIV أكثر صعوبة، إذ لا ينتقل بالتقبيل أو السعال أو استخدام المرحاض ذاته مع مصاب.
- حقائق وأرقام عن الإيدز وفيروس نقص المناعة المكتسبكيف تحصل العدوى؟لا يداهم خطر الإصابة بالفيروس إلا عندما تدخل سوائل الجسم المحتوية على كمية كبيرة من الفيروسات إلى جسم شخص آخر. ويحدث ذلك تقريباً في حالات ثلاث: ممارسة الجنس، وبالحقن الملوثة بدم المصابين عند تعاطي المخدرات مثلاً، وأثناء الحمل والولادة أو الرضاعة الطبيعية من الأم الحاملة للفيروس.
- حقائق وأرقام عن الإيدز وفيروس نقص المناعة المكتسبهل يمكن الشفاء منه؟فيروس نقص المناعة المكتسبة ما يزال غير قابل للشفاء، لكنه قابل للعلاج. هناك أدوية فعالة تحدد من نشاط هذا الفيروس في الجسم وبالتالي تمنع ظهور الإيدز. هذه الأدوية لها أيضاً آثار جانبية أقل من سابقاتها، لذلك يمكن للأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة المكتسبة اليوم أن يعيشوا حياة طبيعية بمتوسط العمر المتوقع. لكن يبقى من المهم الكشف عن العدوى والمعالجة بالدواء في الوقت المناسب.
- حقائق وأرقام عن الإيدز وفيروس نقص المناعة المكتسبكيف تؤدي الإصابة إلى الوفاة؟هنا تكمن المشكلة، إذ ما يزال هناك العديد من الأشخاص المصابين في العالم الذين لا يتلقون أي دواء. وبدون المعالجة يؤدي فيروس نقص المناعة المكتسب في النهاية إلى الوفاة. ما تزال هناك العديد من الإصابات التي لم يتم التعرف عليها بعد، سواء كان ذلك بسبب عدم ذهاب الشخص إلى الطبيب أو بسبب عدم تفسير الأعراض بشكل صحيح أو بسبب عدم وجود طبيب.
- حقائق وأرقام عن الإيدز وفيروس نقص المناعة المكتسبالحاجة لمزيد من التوعية… من جانب آخر ما تزال حكومات بعض دول العالم وأنظمتها تقلل من مشكلة الإصابة بفيروس نقص المناعة المكتسب والإيدز أو تغلفها بصمت مطبق لأسباب سياسية أو أيديولوجية أو دينية أو أخلاقية، لتحرم المصابين من فرصة الحصول على العلاج.
- حقائق وأرقام عن الإيدز وفيروس نقص المناعة المكتسبكم عدد المصابين بالفيروس حول العالم؟كشفت الأمم المتحدة الثلاثاء (16 تموز/ يوليو 2019) أنه في العام الماضي توفي عدد أقل من الناس حول العالم بسبب الإيدز فقد وصل عددهم إلى 770 ألف شخص، أي بما نسبته 33 بالمائة مقارنة بـ 2017. أما عدد الإصابات خلال العام ذاته فقد بلغ 1.7 مليون شخص، 240 ألف منهم في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. كما أوضحت أن المزيد من المصابين باتوا يحصلون على العلاجات المناسبة.