باحث أثري يعلن أسرار وكنوز الواحات البحرية
باحث أثري يعلن أسرار وكنوز الواحات البحرية
يعد تاريخ الواحات البحرية تاريخاً ثريا ويوضح أهم مراحل التاريخ التي مرت بها مصر منذ أقدم العصور إلى الآن، كشفت الحفائر الأثرية التي أُجريت في منطقة الحيز – شمال عاصمة البحرية مدينة الباويطى – عن أن المنطقة كانت مأهولة بالسكان في منتصف عصر الهولوسين الجيولوجى، وأن أهل الواحات البحرية عاشوا بالقرب من البحيرات التي كونها المطر.
وترجع الإشارات الدالة على وجود ذكر للواحات في عصر الدولة القديمة إلى الأسرة السادسة، وكان عصر الانتقال الأول مرحلة مضطربة في تاريخ مصر القديمة، ولم تمدنا الآثار إلى الآن بأى شىء يذكر عن وضع الواحات البحرية، في ذلك العصر، وشهد عصر الدولة الوسطى تزايدا ملحوظا في الأنشطة والعلاقات بين أهل وادى النيل وأهل صحراء مصر الغربية، وبدأت الأسرة الثانية عشرة بحماية حدود مصر الغربية عن طريق بناء سلسلة من الحصون، وجاءت أهم الإشارات إلى الواحات في نهاية عصر الانتقال الثانى على لوح الملك كامس حين أشار إلى البحرية في أحد نصوصه من عصر الهكسوس الذي ربما توقفت فيه التجارة بين وادى النيل والواحات لافتقاد الأمن.
بعد الاكتشافات الأثرية المذهلة في الواحات البحرية، صارت الواحات البحرية قبلة للسياح من مختلف أنحاء العالم نظراً لأنها من أهم المناطق الأثرية والسياحية في الأرض المصرية، وعروس صحراء مصر الغربية، ولأنها ذات تاريخ ثرى وتطور طبيعى منذ أقدم العصور، وذات أجواء ساحرة وذات تاريخ عريض، وآثارها ومواقعها من أهم الآثار وأشهر المواقع بامتياز.
تسلط بوابة أخبار اليوم الضوء عن أسرار وكنوز الواحات البحرية وعن تاريخها من خلال السطور التالية ـ وفقا للكتاب أسرار الآثارتوت عنخ آمون والأهرامات والمومياوات للدكتور حسين عبد البصير، مدير متحف آثار مكتبة الإسكندرية.
ويقول الدكتور حسين عبد البصير، مدير متحف آثار مكتبة الإسكندرية، أن الحق يقال فإن الواحات البحرية منطقة سياحية مهمة للغاية، وهى أمل مصر في السياحة في صحراء مصر الغربية، خصوصا السياحات القصيرة وسياحة السفارى والسياحة البرية وسياحة السفارى والسياحة الخدمية والترفيهية والجوية والترانزيتو العلاجية التي تستغل المناظر الطبيعية في السياحة خصوصا النفسية منها وغيرها، وبها مجالات عديدة من الحرف التقليدية والمقتنيات الأثرية والبيئية والصناعات الصغيرة، وبها أيضا عدد ليس بالقليل من الفنادق الصديقة للبيئة.
وأضاف “عبد البصير ” ، أن الواحات البحرية تقع في صحراء مصر الغربية على مبعدة حوالى 420 كم من القاهرة، وتتكون من واحات القصر ومنديشة والباويطى والحيز، وتتبع محافظة الجيزة وعاصمتها هي مدينة الباويطى، وتعتمد في اقتصادها على زراعة وتجفيف البلح وزراعة الزيتون والسياحة.
أهمية الواحات البحرية :
واستمرت أهمية الواحات البحرية في عصر الدولة الحديثة كأحد النقاط الاستراتيجية والعسكرية على حدود مصر الغربية، وعٌين أحد أبناء البحرية المدعو أمنحتب حوى كحاكم إقليمى وتنسب إليه أقدم المقابر المكتشفة في الواحات البحرية.
– مقبرة أمنحتب حوى حاكم الواحات البحرية:
تعتبر مقبرة “أمنحتب حوى” حاكم الواحات البحرية من أهم الآثار التي تعود إلى تلك الأسرة، وقد ذكر أكثر من مرة على جدران مقبرته أنه من أهل الواحات وربما كان ذلك سببا في أن يدفن في تلك المقبرة في موطنه الأصلى، وتقع المقبرة على مقربة من قرية القصر.
ولا تحمل مناظر المقبرة أي تأثيرات أجنبية؛ وعلى هذا الأساس فإن أمنحتب حوى وعائلته وخدمه يظهرون بملابس مصرية، والملاحظ أن المقبرة نفسها لا تختلف عن أي مقبرة مصرية من تلك الفترة، وتمثل المناظر المصورة على جدرانها المناظر الجنائزية التقليدية ومناظر المآدب، فضلا عن ظهور صاحب المقبرة وهو يساعد في عملية وزن وتخزين الحبوب وأوانى الخمر.
وأشار الملك رمسيس الثانى إلى البحرية في معبد آمون بالأقصر على أنها مكان مقدس، وأدرك الملك شاشانق الأول من ملوك الأسرة الثانية والعشرين أهمية الواحات كمحطات للقوافل وكأراض غنية بالنبيذ الذي كان يعد هدية عظيمة.
ثم سكن العديد من العائلات الليبية منطقة الواحات البحرية، وكان من بينهم رجل يدعى إرعاوا في السنوات الأخيرة من حكم الأسرة الثالثة والعشرين، وسوف نرى بعد ذلك أن أحد أحفاده أصبح حاكما للواحات البحرية وكاهنا أعلى لكل الآلهة التي تعبد فيها في عصر الأسرة السادسة والعشرين، وكان ذلك الرجل وأسرته المسؤولين عن تشييد معظم الآثار التي اكتشفت في البحرية. وهذا الحاكم هو جد خونسو إيوف عنخ.
وتعتبر الأسرة السادسة والعشرون أو ما يعرف بالعصر الصاوى نسبة إلى عاصمتهم مدينة سايس (صا الحجر) في الدلتا المصرية واحدة من الفترات المزدهرة في تاريخ مصر في العصر المتأخر.
وتوثقت الصلة بشكل كبير بين أهالى الدلتا أو مركز الحكم في مصر وبين الواحات خصوصا البحرية وسيوة في عهد الملك واح إيب رع (أبريس)، وفى الغرب بسط نفوذه على الواحات وأقيم في عهده معبدا لاتزال بقاياه موجودة إلى الآن.
وأخذت البحرية في الازدهار تحت حكم الملك أحمس الثانى (أمازيس)؛ ففى عهده تم إنشاء أربع مقاصير في عين المفتلة أشرف على تشييدها جد خونسو إيوف عنخ، وعمل الملك أحمس الثانى (أمازيس) على تعميرها وتحصينها كى يتمكن أهلها من الدفاع عن أنفسهم ضد أي اعتداء من الغرب.
وعانت الواحات البحرية في الفترة التي تفصل بين نهاية حكم الفرس لمصر ومجىء الإسكندر الأكبر لمصر مثلها مثل باقى الأراضى المصرية، وعادت أهميتها تبرز من جديد بمقدم الإسكندر المقدونى والذى صور يقدم القرابين للإله آمون في معبده.
وتعود أسباب إنشاء هذا المعبد ونسبته إلى الإسكندر الأكبر إلى زيارة الإسكندر الأكبر الشهيرة لمعبد الوحى في سيوة لاستشارة الإله آمون عمن قتل والده، ولقد تسلم الإسكندر الإجابة والأكثر من ذلك فقد خلع كهنة آمون عليه ألقاب الفراعنة.
وربما يكون الإسكندر قد مر في طريقه إلى سيوة بالبحرية؛ فشيد هذا المعبد تخليدا لذكرى تلك الزيارة، وتحت حكم البطالمة نمت البحرية بقوة ونشط اقتصادها وطورت طرق التجارة خصوصا المؤدية إلى ليبيا، وأنشىء العديد من النقاط العسكرية، وبعد أن تمكنوا من احتلال ليبيا أنشأ البطالمة حامية عسكرية قوية في الواحات البحرية لحماية طرق التجارة بين مصر ودارفور عن طريق درب الأربعين الذي يصل الواحات الخارجة بغرب السودان.
وقاد الإمبراطور الرومانى هادريان قوات حربية إلى الواحات البحرية، وعثر على خريطة تبين ووجود معسكرات القوات الرومانية في عدة مناطق بالبحرية مثل الحيز، ووصلت البحرية إلى أوج أزدهارها في العصر الرومانى، وتم زراعة القمح الذي كان يصدر بكثرة إلى العاصمة روما.
وفى العصور المسيحية ذكرت الواحات البحرية مرارا في التراث المسيحى وتاريخ الكنيسة القبطية المصرية ووجدت آثار مسيحية في القصر والباويطى ومنديشة والحيز، وكذلك استمر ذكرها في العصور الوسطى قبل دخول الإسلام مصر، وبعد دخول الإسلام إلى البحرية استمرت أهميتها عبر عصور مصر الإسلامية قاطبة كممر مهم من خلال دروب الصحراء تنقلت تجارة القوافل عبره، وزارها عدد من الرحالة في القرن التاسع عشر، وعمل بها الدكتور أحمد فخرى في القرن العشرين.
ثم أكمل الدكتور زاهى حواس العمل في نهايات القرن العشرين وبدايات القرن الحادى والعشرين. ولاتزال الواحات البحرية أرضا بكرا للعمل الأثرى ولآفاق الاستثمار السياحى والثقافى.
آثار الواحات البحرية
وأوضح “عبد البصير “، أن الواحات البحرية تحتفل بعدد كبير من المقابر والمقاصير والمعابد والمعالم الأثرية المتميزة مثل مقابر العصر الصاوى في منطقة الشيخ سوبى ومنطقة قارة قصر سليم ومقاصير عين المفتلة ومعبد الإسكندر الأكبر، المعبد الوحيد له في مصر كلها إلى الآن، ومعبد الإله بس، ووادى المومياوات الذهبية، وعدد من الآثار اليونانية والرومانية والقبطية والإسلامية، وعدد من المواقع الطبيعية ذات المناظر الساحرة التي ليس لها مثيل في العالم أجمع مثل عيون المياه الطبيعية والمزارات البيئية مثل متحف تراث الواحات البحرية والصحراء البيضاء والسوداء وجبل الكريستال والحيز وغيرها.وفيما يلى ألقى الضوء على أهم آثارها.
وعن مقابر “الباويطى” :
تعد مقبرة أمنحتب حوى من أقدم مقابر الواحات البحرية، ونقرت مقابر الواحات البحرية في الصخر الرملى المحلى، وكان لطبيعة المنطقة السبب في تفرد تلك المقابر، حيث تميزت بأن حجراتها ذات أسقف مقبية، وتعد مساحة المقبرة في الواحات البحرية صغيرة.
وتتكون المقابر غالبا من صالة ذات أعمدة وحجرات صغيرة جدا في أركانها، وترجع مقابر الواحات البحرية من العصر المتأخر إلى العصر الصاوى، ولجميع مقابر الأسرة السادسة والعشرين في الواحات البحرية مداخل صالات ذات أعمدة باستثناء مقبرة جد آمون إيوف عنخ؛ حيث إن أعمدة مقبرته مستديرة وذات قمم على شكل زهرة بردى وأعمدتها ملونة بلون أبيض وتخلو من أي مناظر، وللمقابر الأخرى أعمدة مربعة ذات مناظر تصور آلهة، وذات سقوف مقبية مكسوة بجص وملونة.
ويمكن تقسيم مقابر الأسرة السادسة والعشرين في الواحات البحرية إلى قسمين، مقابر قارة قصر سليم هي عبارة عن تل صغير يكتنف مدينة الباويطى، ونتج هذا الارتفاع عن الحطام المتراكم عبر العصور، وتوجد أعلى التل مقبرتان من أهم مقابر الأسرة السادسة والعشرين وهما مقبرتا جد آمون إيوف عنخ وابنه باننتيو.
وحفرت مقبرة جد آمون إيوف عنخ في الحافة الشرقية لمدينة الباويطى وتدعى قارة قصر سليم، ولم يتبق من المقبرة سوى حجرة الدفن التي يمكن الوصول إليها عن طريق بئر، وكسيت جدران حجرة الدفن بطبقة جص ملون بلون أالأصفر.
وتحتوى حجرة الدفن على مناظر من كتاب الموتى. أما المقصورة العلوية، فلم يبق منها شىء، وتفتح حجرة الدفن ناحية الغرب، وسد مدخلها بكتلة ضخمة من الحجر الرملى.
وتوجد في جدران المقبرة عدة أبواب وهمية ملونة. وحجرة الدفن مربعة الشكل تقريبا، ولم تقطع أركانها بإتقان، وتدعم السقف أربعة أعمدة ملونة ومحفورة في الصخر وتيجانها على هيئة زهرة بردى، وغطت طبقة من جص ملون مدخل حجرة الدفن، وجدرانها، وأعمدتها وسقفها. وذكر اسم جد آمون إيوف عنخ عدة مرات على جدران حجرة الدفن دون أي لقب.
وتقع مقبرة باننتيو إلى الغرب من مقبرة والده جد آمون إيوف عنخ بحوالى خمسة عشر مترا، ولم يعثر على أي آثار للمقصورة العلوية، وطول البئر حوالى ستة أمتار، وأسفلها مدخلان، أحدهما يفتح ناحية الجنوب، بينما المدخل الآخر في الناحية الشمالية يؤدى إلى حجرة الدفن الأساسية، وتتكون المقبرة من صالة ذات أعمدة وثلاث حجرات جانبية، واحدة منها فقط هي المنقوشة وهى الحجرة الأساسية المواجهة للمدخل.
واختفت مداخل مقابر قارة الشيخ سوبى منذ أن اكتشفها الدكتور أحمد فخرى في النصف الأول من هذا القرن العشرين؛ حيث بنيت فوقها منازل حديثة بمدينة الباويطى، ونجد أن أربعة من تلك المقابر موثقة ومؤرخة بواسطة الدكتور أحمد فخرى في كتب عدة، وهى مقابر لها أهمية تاريخية مميزة في الواحات البحرية.
ويفتح مدخل مقبرة بادى عشتار ناحية الشمال، ويمكن الوصول إليها عن طريق بئر مغلقة من أعلى، وتتكون المقبرة من صالة بها أربعة أعمدة وثلاث حجرات، ويرقد التابوت بين الأعمدة، والصالة ذات سقف مقب، وسدت الحجرة الداخلية بكتل من الأحجار.
وجدران البئر مكسوة بجص لكنها غير مزخرفة، وفى الصالة ذات الأعمدة، أول المناظر، وكل جوانب الأعمدة الأربعة مكسوة بجص ومزخرفة أيضا.
وقطعت مقبرة ثاتى في الجرف الغربى، وهى أحدث من مقبرة جده بادى عشتار التي تقع خلفها ومدخلها في الاتجاه المقابل، ويعد صخرها فقيرا جدا وسقفها متساقطا في أماكن عديدة، وجدرانها مليئة بتصدعات تسببت في تحطيم جزء كبير من مناظرها.
ويقع مدخل المقبرة ناحية الجنوب، وهى مثل المقابر الأخرى بها حجرات تحت الأرض يتم الوصول إليها عن طريق بئر.
وكان الوصول إلى مقبرة ثاتى سهلا. ويمكن من خلال كسر في جدارها الشمالى الدخول إلى مقبرة بادى عشتار، وسقط جزء من سقف المقبرة وحدث بجدرانها تلف كثير وردمت المقبرة برمال مرة أخرى بعد أن نظفها الدكتور فخرى وشيدت منازل فوقها.
وتقع مقبرة تانفرت باستت على بعد عدة أمتار من مقبرة زوجها ثاتى وهى مقبرة غير مكتملة. وتعد واجهة جدارها ملساء عند السطح الخارجى، ووضعت فوقها طبقة خفيفة من الجص ثم لونت بعد ذلك، وهناك جزء صغير مزخرف من هذه المقبرة. وصورت صاحبتها في حضرة أوزير وإيزيس ونفتيس.
وعم “قصر علام” :
عرف الدكتورأحمد فخرى قصر علام بأنه قلعة حربية رومانية، وقصر علام عبارة عن مبن ضخم من الطوب اللبن، وإلى وقت قريب ظل العلماء على هذا الاعتقاد ويستشهدون به عند الحديث على وجود الرومان وثأثيرهم القوى في الواحات.
وكان يعتقد أن قصر علام يرجع إلى العصر الإسلامى وتم ترميم من قبل قطاع الآثار الإسلامية والقبطية في المجلس الأعلى للآثار، ثم أرسل المعهد الفرنسى للآثار الشرقية فريق بحث للعمل في تلك المنطقة وبفحص الفخار الموجود حول المنطقة وداخل نطاق القصر أدرك الفريق الفرنسى أنه يرجع إلى العصر السادسة والعشرين.
وتعد وظيفة القصر غير معلومة إلى الآن ولكن ضخامة المبنى وروعة التصميم تشيران إلى أنه يخص مؤسسة مهمة كانت لها سيطرة على المصادر الاقتصادية شمال الواحات البحرية، كما أن الأختام التي عثر عليها في الموقع تشير إلى أن البضائع كانت تُخزن بنظام وتتحكم في تخزينها إدارة ربما كانت ملكية أو محلية أو كهنوتية. وربما تثبت الدراسات المستقبلية أنه كان لهذا القصر صلة بطبقة الحكام أصحاب المقابر وبناة المقاصير من الأسرة السادسة والعشرين.
وعن مقاصير عين المفتلة:
وتعود مقاصير عين المفتلة الأربع إلى عصر الأسرة السادسة والعشرين الصاوية أي إلى نفس الفترة التي ترجع إليها المقابر، وأشرف على بناء هذه المقاصيرالكاهن شبن خونسو، ثم أكملها من بعده حاكم الواحات البحرية جد خونسو إيوف عنخ في عهد الملك أحمس الثانى (أمازيس).
وتقع هذه المقاصير بالقرب من قرية القصر القريبة من الباويطى، وسميت تلك المنطقة بعين المفتلة نظراً لقربها من عين مياه تسمى بعين المفتلة تقع إلى الشمال الشرقى من المقاصير، وهى تعد من أهم عيون المياه الطبيعية في البحرية، وكان عالم الآثار جورج إشتيندورف قد اكتشف جدار إحدى هذه المقاصير من قبل إلى أن بدأ الدكتور أحمد فخرى العمل في الموقع إلى أن اكتشف المقاصير الأربع نتيجة بعثاته الأثرية المتتالية.
وبنيت هذه المقاصير من كتل من الحجر الرملى وكسيت جدرانها بطبقة رقيقة من الملاط واستخدم في نقشها أسلوب النقش الغائر، وتم إعادة استخدام العديد من كتل تلك المقاصير ومن ثم فُقد العديد من نقوشها، ويلاحظ أن تخطيط المقاصير بسيط وتصميمها المعمارى غير مميز.
معبدالإله بس :
بالقرب من مقاصير عين المفتلة، عُثر على معبد صغير للإله بس، أحد الآلهة المنزلية الحامية وإله المرح. ويتكون المعبد من عدد من الحجرات التي ربما كانت مخصصة للأعياد، وجاء من هذا المعبد أكبر تمثال من الحجر الرملى للإله إلى الآن وهو بالمتحف المصرى بالقاهرة.
معبد الإسكندر الأكبر:
يعد معبد الإسكندر الأكبر هو المعبد الوحيد الذي خصص لهذا الفاتح المقدونى العظيم في مصر إلى الآن. ويصور على جدرانه الإسكندر الأكبر مقدما القرابين للإله آمون الذي أحد أهم الآلهة المصرية التي عبدت في الواحات البحرية في العصر اليونانى-الرومانى، ولعل بناء هذا المعبد يعد تخليدا لذكرى مرور الإسكندر الأكبر بالبحرية في طريقه لمعبد الوحى في واحة سيوة.
وادى المومياوات الذهبية:
نجح الدكتور زاهى حواس وبعثته الأثرية في الكشف عن واحد من أهم الاكتشافات الأثرية في القرن العشرين بالكيلو 6 طريق البحرية الفرافرة.
وأذهل الكشف العالم أجمع منذ لحظة اكتشافه إلى الآن. ويجىء هذا الاكتشاف ليلقى الضوء على فترة مهمة من تاريخ مصر في بداية العصر الرومانى، محاولاً تكثيف بؤرة الضوء على منطقة الواحات البحرية.
وأحدثت المصادفة البحتة هذا الاكتشاف، عندما غيّر حمار الشيخ عبدالموجود، حارس معبدالإسكندر الأكبر، طريق عودته الليلية بعد انتهاء نوبة حراسة صاحبه، فغاصت قدما حماره في حفرة، فهبط الشيخ عبدالموجود من على حماره ليستطلع الأمر، فنظر فىها فلم ير غير شىء يبرق في الظلام، فذهب إلى مدير آثار الواحات البحرية، ليخبره بما رأى، ولم يكن هذا الذي رآه الشيخ عبدالموجود سوى قناع ذهبى يغطى وجه مومياء، ومن هنا جاءت تسمية الوادى باسم وادى المومياوات الذهبية، وقام أثريو الواحات البحرية بإجراء مسح أثرى أولىّ للموقع المكتشف، فتأكدوا من صدق كلام الشيخ عبد الموجود وحقيقة الاكتشاف، فأخطروا الدكتور زاهى حواس.
ثم بدأت أعمال الحفائر العلمية المنظمة، فكشفت النقاب عن عدد هائل من المومياوات الذهبية، جعل المكتشف الدكتور حواس يرجح امتلاء هذا الوادى بعدد كبير منها يقدر بحوالى عشرة آلاف مومياء ذهبية، في مساحة مكانية كبيرة، تستغرق زمناً طويلاً من أعمال الحفائر المنظمة تبلغ حوالى خمسين عاماً؛ فلم يكتشف في المواسم السابقة سوى 250 مومياء، وتعود المومياوات المكتشفة إلى القرنين الأول والثانى الميلاديين، عندما كانت مصر تحت الحكم الرومانى.
وتظهر هذه المومياوات المكتشفة، استمرارية الديانة المصرية في هذه الفترة على الرغم من وجود المعتقدات اليونانية والرومانية الخاصة بالطبقة الحاكمة، التي تأثرت بدورها بالديانة المصرية القديمة، وأغلب هذه المومياوات المكتشفة ذات أقنعة وصدور مذهّبة ومزخرفة بنقوش هيروغليفية ورسومات دينية.
واختتم مؤكداً أن الواحات البحرية هي أمل مصر في السياحة في القرن الحادى العشرين، ويعد التعريف بها وآثارها في جميع أنحاء العالم من خلال كل الوسائل الممكنة هدفاً مهما لزيادة الرواج السياحى لتلك المنطقة الأثرية والسياحية المهمة.
وفى ظل أهتمام الدولة بصحراء مصر الغربية من أجل تنميتها وتعميرها، لابد من اتخاذ عدد من الخطوات المهمة مثل تمهيد الطرق المؤدية للأماكن الأثرية وإعداد الأماكن الأثرية للزيارة والتسويق السياحى لهذه المواقع الأثرية والسياحية وإنشاء عدد أكبر من الفنادق المتنوعة، خصوصا الصديقة للبيئة وبنائها وتأثيثها من مواد من البيئة المحلية، وعدم استخدام الوسائل الحديثة في تجهيزها ورفع كفاءة الفنادق الحالية وتحديثها بما يناسب الحفاظ على البحرية وعدم تدمير بيئتها الطبيعية الفريدة.
ولابد من توفير وسائل مواصلات بسيطة لا تدمر طبيعة الواحات البحرية الساحرة نظرا، كما سلف القول، لتمتع الواحات البحرية بتاريخ ثرى وممتد منذ أقدم العصور إلى العصر الحالى، وامتيازها بوجود عدد كبير من الآثار الفريدة من مختلف العصور وعدد كبير من المعالم الطبيعية والسياحية والثقافية التي لو أحسن تنميتها وتوظيفها لأصبحت الواحات البحرية أمل مصر الأساسى في السياحة في القرن الحادى العشرين.
غير أنه كى تتحقق هذه الأهداف، لابد من الاهتمام الكامل بالواحات البحرية وتأهيلها بالشكل الذي يليق بها حتى تصبح عاصمة مصر السياحية في الصحراء الغربية بحقوحتى تصير عن جدارة قبلة السياحة العالمية الوافدة إلى مصر أم الدنيا صاحبة التاريخ والحضارات.