خبراء مصر بالداخل والخارج يناقشون توطين صناعة السيارات
شارك عدد من رجال الصناعة والخبراء المصريين بالخارج والداخل فى ثالث ندوة حوارية افتراضية فى إطار إطلاق مؤتمر “مصر تستطيع بالصناعة”، والتى انعقدت تحت عنوان “توطين صناعة السيارات فى مصر”، بحضور السفيرة نبيلة مكرم وزيرة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج.
كما شارك فى الندوة الدكتورة نيفين جامع وزيرة التجارة والصناعة، والمهندس محمد أحمد مرسى وزير الدولة للإنتاج الحربى، والفريق عبد المنعم التراس رئيس الهيئة العربية للتصنيع، والمهندس هانى الخولى العضو المنتدب لشركة النصر للسيارات، وأيضا المهندس وفا توفيليس العضو المنتدب للشركة الهندسية للسيارات، كممثلين عن وزارة قطاع الأعمال العام.
وأوضح بيان وزارة الهجرة اليوم الإثنين، أن موضوع المؤتمر “توطين صناعة السيارات فى مصر” يأتى ضمن الاستراتيجيات الوطنية التى دشنها الرئيس عبد الفتاح السيسى، لتعظيم المنتج المحلى والتوجه نحو السيارات النظيفة باستخدام الكهرباء وغيرها من الطاقات التى تحول مصر لتصنيع وتصدير السيارات للمنطقة، بمشاركة علماء وخبراء مصر بالخارج، إذ شارك عبر تطبيق “زووم” عدد من الخبراء المصريين حول العالم المتخصصين فى مجال صناعة السيارات، وهم: من كندا الدكتورة هدى المراغى المدير المؤسس لمركز أنظمة التصنيع الذكية “IMS” بجامعة وندسور، والدكتور وجيه المراغى ممثل مصر بأكاديمية هندسة الإنتاج وعضو تحالف الثورة الصناعية الرابعة، ومن رومانيا الدكتور أحمد أبو النصر خبير إدارة الشركات الصناعية الكبرى وتطوير أدائها ومنتجاتها، ومن اليابان الدكتور عبد الرحمن أبو العلا مهندس البرمجيات، ومن ألمانيا الدكتور المهندس مينا قلدس خبير صناعة السيارات بالشركات العالمية، كما أدار الندوة الإعلامى أحمد فايق مقدم برنامج “مصر تستطيع”.
وخلال الندوة، أخذ رجال الصناعة المصريون يتبادلون الآراء ووجهات النظر مع الخبراء بالخارج حول توطين صناعة السيارات فى مصر، إذ قالت الدكتورة هدى المراغى، المدير المؤسس لمركز أنظمة التصنيع الذكية بجامعة وندسور بكندا، إن مصر لديها خبرات وكفاءات للانطلاق بصناعة السيارات والمركبات، مضيفة: “نحتاج لدراسة التقنيات اللازمة سواء طاقة كهربية أو سيارات تقليدية أو طاقة متجددة شمسية مثلا، وكذلك وزن السيارة والمواد المستخدمة سواء الفايبر أو غيره، وكذلك وسائل التحكم وليس الميكانيكا فقط وكذلك الذكاء الاصطناعى، ونحتاج لفريق متنوع المهارات وأبحاث السوق، والبدء والتطوير المستمر”.
وعن تصميم السيارات، قالت المراغى: “إننا بحاجة للاهتمام بالصناعة المغذية، ودراسة الأبعاد وسهولة الاستخدام، وعوامل الأمان داخلها والاهتمام بعلوم التصميم بشدة، والماكينات التى تستخدم لتطبيق التكنولوجيات المتقدمة، والماكينات ثلاثية الأبعاد وصيانتها وتطويرها مستقبلا، ودراسة خطوط الإنتاج الذكية”.
وتابعت المراغى أن تشجيع وتوطين الصناعة فى مصر، يمكن أن يسلك الطريق الأسهل بالاستعانة بخبرات شركة أخرى والحصول على ترخيصها، بما له من نقاط ينبغى الوقوف عندها من نقل التكنولوجيا، وأهمية الاتفاق على وجود مراكز تدريب للعمالة المصرية، والسماح بتصنيع جزء كبير من المكونات محليا حتى تكون “صنع فى مصر”، موضحة أن هناك دراسة حاليا لإطلاق مركز للتدريب بالتعاون مع وزارة الدولة للإنتاج الحربى.
وأشارت إلى أن مجال توطين صناعة السيارات يحتاج إلى توطين التصميم وتوطين أساليب التصنيع، لذلك علينا امتلاك براءات التصميم والاختراع وهذا على المدى المتوسط والطويل، مؤكدة على ضرورة الاهتمام بعمل الأبحاث التسويقية وتدريب العمالة على التكنولوجيا، وإكساب العمال الخبرة، بجانب بيئة تدعم الصناعة فى مصر والترويج للمنتج المصرى.
فيما علق المهندس عبد الرحمن أبو العلا، مهندس البرمجيات باليابان، وقال إن صناعة السيارات ذاتية القيادة وكذلك الروبوتات تساهم فى خدمة العملاء وتنفيذ الخدمات المختلفة، وتابع: “أننا نعمل على البرمجة أولا ثم المنتج نفسه بعد إدخال التحسينات عليه ودراسة المنتجات الأولية واختبارها”.
وأضاف عبد الرحمن أن هناك مطورين ومبرمجين فى مصر يمكنهم الإسهام فى ذلك بعد تدريبهم، مؤكدًا أنه: “علينا الاستفادة من الجامعات المختلفة فى أبحاث السوق، وقيام الطلبة ببحث احتياجات السوق للتطوير وخدمة المنتج بما يلبى رغبات العملاء”.
من جانبه، قال الدكتور المهندس مينا قلدس، مدير تطوير أنظمة التعليق الإلكترونية بشركة فورد للسيارات بألمانيا: “إننى أبدى إعجابى بالطفرة التى أحدثتها القيادة السياسية فى مصر فيما يتعلق بالطرق والبنية التحتية والتى لم يكن يحلم بها أحد، فحينما نتكلم عن صناعة السيارات، فقد شاركت فى إنتاج 4 سيارات موجودة حاليا فى السوق، وننتج على الأقل 350 ألف سيارة سنويا”.
وأضاف قلدس أن صناعة السيارات منظومة متكاملة تتمثل فى سيارة وطريق وأرضية وشخص يقود، وتابع: “حينما نتحدث عن نموذج مثل ألمانيا التى تعد أقوى دولة فى صناعة السيارات على مستوى العالم، نتساءل ما الذى جعل ألمانيا جاذبة للاستثمار فى هذا المجال، مع العلم أن ألمانيا بلد معروف أن الضرائب بها تصل لـ60% وحتى يستثمر فيها أحد سيدفع الكثير؟ ولكن لأن صناعة السيارات بها تبدأ من اللوحة “التصميم” حتى دخولها لخط الإنتاج بالمصنع، وكل هذه العملية جعلت ألمانيا بها خبرات ليست فنية بحسب ولكن هندسية لعمل إنتاج متكامل للسيارة”.
واستطرد قائلا: “لا توجد شركة سيارات عالمية ليست بها دراسة عن مصر، فالكل يعرف أن مصر بلد على بحرين ونهر وبها 100 مليون مواطن، والتنافس بين شركات الصناعات المغذية كبير ويرتبط بعدة أمور منها تكلفة النقل، وما نفكر فيه هو كيفية جذب شركات السيارات نفسها لفتح مصانع لها فى مصر وهذا ما سيجذب أصحاب الصناعات المغذية، إذ أن لدينا فريقاً فنيًا فى مصر قادر على تجميع سيارة، ولكن علينا أن ننتبه أن المستثمر الأجنبى يستهدف الاعتماد على عمالة من بلد الصناعة، لذلك لابد أن يكون لدينا خبرة هندسية قادرة على التشغيل”.
وأوضح قلدس أن صناعة السيارات معقدة لاختلاف اللوجيستيات الخاصة بها من دولة لأخرى، وقال: “نسعى لأن تكون مصر مثل ألمانيا فى تصنيع السيارات وليس تجميعها فقط”.
فيما عقّب الدكتور وجيه المراغى، ممثل مصر بأكاديمية هندسة الإنتاج بكندا وعضو تحالف الثورة الصناعية الرابعة، وقال إنه حريص على نقل خبراته للوطن وهذا جزء من جميل مصر على أبنائها، وأكد أن الأبحاث والتدريب الكوادر المختلفة من فنيين ومهندسين وغيرهم يعد من عصب الصناعة، ويمكن القيام بذلك بالتعاون مع المؤسسات الوطنية مثل الهيئة العربية للتصنيع لتحقيق خطة مصر للتنمية المستدامة 2030 للانطلاق بوسائل التنقل الآلى.
وأضاف المراغى أن هناك تنوعا رهيبا فى الأسواق العالمية فى الموديلات والألوان والتصميمات وغيرها، ولدينا ميزة تنافسية فى الطاقة النظيفة، وتابع: “أننا لسنا متأخرين عن العالم فمن بين 100 مليون سيارة هناك نحو 2% فقط بالكهرباء وهناك دول ما زالت تحاول”.
واستطرد قائلا: “إن هناك وسيلتين، الأولى هى الاعتماد على وجود شريك أجنبى، وهو ما يربط كمية الإنتاج من 25 إلى 50 ألف سيارة سنويا، وهذا غير كاف لتعويض احتياج السوق مع إحلال السيارات القديمة، والثانية هى الاعتماد على الخبرات الموجودة فى مصر وتصميم الأجزاء دون الاعتماد على مستثمر خارجى، وصولا لمنتج مصرى تصميما وتوطينا”.
وعن الاتجاهات فى صناعات السيارات، أوضح المراغى أن الأمر لم يعد ميكانيكا وحسب، ولكن هناك أبعاد كثيرة علينا الاهتمام بها للاستفادة من تصنيع السيارات، وأضاف: “أننا نسعى لدراسة السيارات الكهربائية ذات التحكم الآلى، وتدعيمها بسبل الذكاء الصناعى، والتحديث المستمر للسيارات للتطوير منها وتلافى أى سلبيات”.
وعن جهود علماء مصر بالخارج مع الدولة المصرية، أكد المراغى أنهم مستعدون للمشاركة فى خطط تنمية الدولة المصرية، وأن هناك تعاونا مستمرا مع عدد من الوزارات والمؤسسات فى مصر، كما تحدث عن مشروع “جذور” المعنى للتصميم والتصنيع الذاتى للسيارة الكهربائية فى مصر، وقال إن هناك تنسيقا مع أكاديمية البحث العلمي، وفقا لأحدث التكنولوجيات والاختيار الرشيد للمواد المغذية لصناعة السيارات وبمساعدة مركز التميز، وتحالف تصنيع السيارة الكهربائية، ومساهمة عدد من وزارات ومؤسسات الدولة.
من جهته، قال الدكتور أحمد أبو النصر، مدير عام مجموعة يارد الصناعية الكبرى فى رومانيا، إن هناك مراحل مختلفة من التواصل مع العملاء لإنتاج سيارات ذات مواصفات خاصة، وهناك تنسيق مع جهات مصرية لإنتاج السيارات الكهربائية وأجزاء مختلفة من السيارات، لخدمة الصناعات المغذية لها.
وأضاف أبو النصر أن هناك تعاونا مع الهند فى إنتاج صناعات ثقيلة، مؤكدا أن الكوادر هى سر نجاح أى صناعة، إذ قال: “إذا نجحنا فى تدريب كوادر مصرية سننطلق فى مجالات مختلفة من التصنيع، ولذا علينا البدء فى الاستثمار فى التدريب وأبحاث السوق واحتياجات العملاء والأبعاد التصميمية والتكنولوجية والتسويقية المناسبة بجودة لائقة قادرة على المنافسة”.
وأشاد أبو النصر بدور وزارة الدولة للإنتاج الحربى والهيئة العربية للتصنيع، وربط وزارة الهجرة لخبراء وعلماء مصر فى الخارج بجهات ومؤسسات الدولة لتحقيق أقصى استفادة ممكنة، لافتا إلى أن صناعة السيارات من الصناعات المعقدة التى تضم الكثير من التفاصيل.
وذكر أبو النصر أن عملية توطين صناعة السيارات فى مصر أمر ليس سهلاً، ولكن هو عمل عظيم يحتاج لخطوات كبيرة يأتى أبرزها فى تكوين كوادر من المصممين لأنها البداية الحقيقية لتلك الصناعة.
فيما قال المهندس محمد السويدى، رئيس اتحاد الصناعات المصرية، إن صناعة السيارات ثقيلة جدا وطويلة الأمد، وحتى يأتى المستثمر ويقدم الصناعات المغذية، فلابد أن يتعرف على المميزات التى ستقدمها له الدولة.
وتابع: “لدينا المنطقة الاقتصادية فى قناة السويس، وهى منطقة لها شروط خاصة، ومن رأيى أن تلك الصناعة يجب أن تأخذ إعفاءً من عدة ضرائب تفرض على هذه الصناعة مقابل بداية تعميق الصناعة فى مصر، والمقصود بـ”التعميق” هنا هو تطوير الصناعات المغذية لصناعة السيارات”.
واستطرد قائلا: “إن المكسب الحقيقى هو تطوير الكوادر والذى يعد نواة لتلك الصناعة، فضلاً عن البنية الهندسية والتقنية، ومن هنا تنشأ الصناعات المغذية التى نحتاج إليها مع تقديم امتيازات حقيقية من مصر، فلابد أن نكون واضحين وعلى دراية بما نقدمه، ولو رأينا أن هناك حوافز أخرى لتعميق الصناعة نتحرك فورًا حتى تكون جاهزين”.
من ناحيته، قال المهندس وائل عمار، مدير عام إدارة المشتريات والتوريدات العالمية لمجموعة جنرال موتورز مصر وشمال أفريقيا، إن هناك اتجاها قويًا فى الدولة لإصلاح عدة أمور فى الوقت الحالى”.
وتابع: “فيما يخص مشاكل تصميم السيارات، فإننا نعانى من عدم توافر المواد الخام وكذلك المصانع لتصنيع هذه المواد”، مشيرًا إلى أن صندوق دعم الصناعات قد يكون له دور كبير جدا فى ذلك، كما أن هيئة التنمية الصناعية وهيئة الاستثمار لابد أن يعتمد دورهما على خطة محددة، نستوضح من خلالها ما الذى سننتجه فى السيارة بالضبط، ومن ثم نوجه المستثمر المحلى له.
وأضاف: “لدينا اتفاقيات تجارة حرة كثيرة، ولابد أن يكون لدينا نوع من أنواع الديناميكية فى قوانين الصناعة والاستثمار”، مشددا على أنه من حق المورد أن يحصل على إعفاءات جمركية على نسبة الإنتاج التى يقدمها كنوع من التسهيلات التى توفرها الدولة للمستثمرين لتشجيع توطين الصناعة.
فيما أوضح المهندس هانى الخولى، العضو المنتدب لشركة النصر للسيارات، أن الشركة ستبدأ فى صنع أجزاء من السيارة محليا، وأن هناك تعاونا مثمرا فى ذلك مع الجانب الصينى، لافتا إلى أنه يمكننا البدء بحوالى 55% من السيارة، وتم الاتفاق مع شركة مصرية لإنشاء مركز بحوث وتطوير، وأن وزارة قطاع الأعمال العام قطعت شوطا كبيرا فى توطين صناعة السيارات، وقال: “سنتطور تدريجيا وهناك مركز أبحاث سيدرس خطط التصميم بالتعاون مع علماء وخبراء مصر بالخارج، بجانب المكونات التى تقابلنا صعوبة فى إنتاجها مثل البطاريات وغيرها”.
وفى ختام الندوة النقاشية، أعربت وزيرة الهجرة السفيرة نبيلة مكرم عن فخرها بخبرة علمائنا وخبرائنا حول العالم وعن سعادتها بما دار فى الندوة الثالثة لمؤتمر “مصر تستطيع بالصناعة” من نقاشات تعلقت بسبل توطين صناعة السيارات فى مصر وما تتطلبه المرحلة الحالية من تحرك لجميع الجهات المعنية بهذا الملف نتمكن من خلاله من تحقيق استراتيجية الدولة المصرية فى توطين هذه الصناعة بمساهمة من الخبراء والعلماء المصريين بالخارج.
وقالت الوزيرة إنه سيتم موافاة وزارة الهجرة بتوصيات الخبراء المصريين فى الخارج المشاركين بالندوة، وهى التوصيات التى ستمثل مقترحات بشأنها المساهمة فى تطوير هذا المجال الهام، مشيرة إلى أن مؤتمر “مصر تستطيع بالصناعة” هو النسخة السادسة من سلسلة مؤتمرات “مصر تستطيع” وتم اختيار مجال الصناعة كعنوان له تنفيذا لوصية الراحل الفريق محمد العصار وزير الدولة السابق للإنتاج الحربى.