القطاع السياحي خسر مئة ألف موظف: سنة الخراب والانفجار
ترزح مؤسسات القطاع السياحي في لبنان تحت وطأة أزمات متتالية: انهيار للعملة الوطنية، الإقفال التام، وأخيراً انفجار مرفأ بيروت. وكان لهذه المؤسسات نصيب من الدمار. وبعد هذه الفترة القاتمة، يأتي شهر الأعياد هذه السنة كفرصة ليتنفس هذا القطاع، لعله يتمكن من تخطي هذه الأزمة.
سنة الخراب
وافقت المؤسسات السياحية سابقاً على قرار الاقفال التام الذي اتخذ في شهر تشرين الثاني، لتستعد بعده لاستقبال موسم الأعياد. أمين عام اتحادات النقابات السياحية، جون بيروتي، أوضح في حديثه لـ”المدن” أن فترة الأعياد هذا الشهر ستكون فرصة للمؤسسات السياحية اللبنانية لتسديد معاشات الموظفين في القطاع. وهي متراكمة مع المستحقات المالية. ما يعني أنها ليست سوى “مسكّن” آخر لمؤسسات القطاع السياحي، الذي يتحمل تداعيات الأزمات المتتالية في ظل غياب الحلول والاجراءات الجذرية .
وبيّن بيروتي أنه لا يمكن حتى الآن الحديث عن ازدياد الحركة في المؤسسات السياحية، وخصوصاً أن القرار الوزاري بالسماح للمؤسسات بالفتح حتى الثالثة فجراً ابتداءً من 23 كانون الأول الجاري، اتُخذ متأخراً. وأشار بيروتي إلى أن المغتربين اللبنانيين وبعض السياح العرب، الذين يودون تمضية العطلة في لبنان، عادة ما يحجزون برامجهم منذ بداية هذا الشهر وليس من منتصفه، ولكن الترويج بدأ الآن للبنان إعلامياً، لجذب السياح خلال هذه الفترة وللإستفادة من هذا القرار.
و”سنة 2020 هي سنة الخراب”. بهذه العبارة وصف بيروتي ما يمر به القطاع السياحي، بعد توالي الأزمات من كوفيد 19 إلى الانهيار الاقتصادي إلى انفجار مرفأ بيروت. وهو أكد أنه لا يمكن إحصاء المؤسسات السياحية المقفلة، بل عدد المؤسسات التي ما زالت تفتح أبوابها. وكشف أن عدد موظفي القطاع السياحي المسجلين في الضمان الاجتماعي انخفض إلى 60 ألف موظف فقط بعدما كان 160 ألفاً قبل الأزمة.
وعود كاذبة
عن الحلول المقترحة من النقابات السياحية، يقول بيروتي إن كل الخطط التي تقدمت بها النقابات السياحية منذ 9 أشهر، والوعود التي أطلقتها الدولة اللبنانية بدعم مؤسسات القطاع السياحي لم تنفذ حتى الآن. ولفت إلى أن مصرف لبنان الذي كان قد أصدر تعميماً لدعم المؤسسات الخاصة خلال فترة الإقفال التام في شهر آذار لم ينفذ، و”لا يزال حبراً على ورق”. وقال بيروتي: إذا كانت الدولة لا تملك إمكانية الدعم المالي لمؤسسات القطاع السياحي، فما يمكن فعله هو تقديم التسهيلات لها، لا سيما الإعفاء من الضرائب وغيرها من الإجراءات التي تسهل عملها.
وهناك 2000 مؤسسة سياحية في منطقة الجميزة ومار مخايل وغيرها تضررت جراء انفجار مرفأ بيروت، وهي تشكل 60 في المئة من عمل القطاع السياحي، فضلاً عن كونها واجهة سياحية لعاصمة “السهر”، بيروت. وهذه المؤسسات لم تنل حتى الآن تعويضات مالية عن الأضرار لإعادة ترميمها .
قلة عودة المغتربين
في حديث مع نائب نقيب أصحاب المطاعم والملاهي والباتيسري، خالد نزهة، قال أن فترة الأعياد هي فترة مهمة لإعادة نشاط أماكن السهر، أي الملاهي الليلية التي أقفلت أبوابها طويلا وهي تشمل حوالى 20 مهنة.
وأكد نزهة أن الاعتماد خلال هذه الفترة سيكون على حركة الاغتراب اللبناني. وقرار السماح للمؤسسات السياحية بفتح أبوابها حتى الساعة 3 فجراً يجب الاستفادة منه والترويج له، وهو أكثر ما يفيد القطاع الآن. وأشار إلى أن فتح المؤسسات حتى الساعة العاشرة مساء لم يكن مجدياً أبداً من الناحية الاقتصادية .
وأوضح نزهة أن خسائر قطاع المطاعم الملاهي في عام 2020 بلغ حوالى 70 في المئة. وخسائر المطاعم وحدها تُقدر يومياً بقيمة 500 مليون دولار.
واليوم يعتمد القطاع السياحي على حركة مطار بيروت والمغتربين اللبنانيين. ولم يعد خافياً أن حركة القادمين إلى لبنان من سياح أجانب أو مغتربين لبنانيين انخفضت في هذه السنة بسبب إقفال المطار، وجائحة كورونا، والأوضاع السياسية المضطربة، وكارثة انفجار مرفأ بيروت التي دمرت الواجهة السياحية الأهم .
وفي حديث “المدن” مع مدير المديرية العامة للطيران المدني في مطار بيروت، فادي الحسن، أشار إلى أن حركة المطار وعدد زوار لبنان خلال هذا الشهر ارتفعت مقارنة بالأشهر الماضية. وتصل إلى 8 آلاف وافد يومياً. والعدد الأكبر منهم مغتربون لبنانيون. في حين كان عدد الوافدين في الأشهر السابقة منذ إعادة فتح المطار هو 3 آلاف قادم فقط يومياً.
ويصف فادي الحسن هذه الأرقام بالإيجابية، نسبة للظروف الاستثنائية التي تمر بها مطارات الدول. ولكنه أشار في الوقت نفسه إلى أن شهر كانون الأول هو شهر الذروة، وعدد القادمين إلى لبنان سنة 2019 من الشهر نفسه كان قد بلغ 20 ألف وافد في اليوم الواحد. وأوضح الحسن أن حركة مطار بيروت انخفضت بنسبة 73 في المئة، مقارنة بالسنة السابقة. والسبب الأساسي يعود لانتشار فيروس كورونا وإغلاق المطارات.