سر فشل الحكومة في الترويج لنظام التعليم الجديد دوليًا
«تجربتنا محط أنظار العالم»، «بريطانيا تسعى لنقل التجربة المصرية»، «إشادات دولية.. اليونسكو تشيد بالتجربة المصرية»، عناوين تصدرت الصحف والمواقع الإلكترونية، وجميعها مأخوذة من تصريحات على لسان وزير التربية والتعليم، الدكتور طارق شوقي، الذي لم يفوت فرصة واحدة لمحاولة إثبات نجاح تجربة التعليم الجديدة؛ لتصدير صورة لأولياء الأمور والمختصين في مجال التعليم، أن قراراته كافة لا غبار عليها، بل إن العالم كله يشيد بخطواته المزعومة في سبيل تطوير التعليم.
صرخات الطلاب وأولياء أمورهم، واستغاثات المعلمين، رغم تصريحات «شوقي» عن كفاءة ونجاح تجربة التعليم المصرية وتهافت العالم بأسره على نقلها، أثارت مجموعة من التساؤلات على رأسها، ما مدى صحة تصريحات الوزير؟ وهل هي مجرد «شو إعلامي»، أم أن الإشادات المزعومة لا تتعدى الثناء على الخطط النظرية التي لطالما يعرضها الوزير في مؤتمراته واجتماعاته ولا علاقة لها بما يعانيه كل المنتسبين إلى المنظومة التعليمية بداية من الطلاب مرورًا بأولياء أمورهم وليس انتهاءً بالمُعلمين؟
تهافت عالمي
23 يناير 2020، قال وزير التعليم، خلال حوار تلفزيوني ببرنامج «من مصر» المعروض على فضائية «سي بي سي»: “الأجانب ينبهرون بالتغيير والتطوير في مجال التعليم بمصر”، ولم يكتف «شوقي» بهذا، وزعم أن وزير التعليم البريطاني يسعى إلى نقل التجربة المصرية في الامتحانات الإلكترونية.
وتفاخر وزير التعليم بأن شركة «بيرسون» للنشر والتعليم البريطانية ومتعددة الجنسيات، ذكرت أن مصر نجحت في أكبر تجربة للامتحانات الإلكترونية، بحسب قوله.
وخلال الحوار ذاته أكد «شوقي» أن الشركات الأجنبية فخورة بشراكتها مع مصر في «بنك المعرفة»، وكثير من وزراء التعليم حول العالم ترغب في تكرار تجربة مصر في بلادها.
اليونسكو تشيد
ولم تكن تلك المرة الوحيدة التي يصرح فيها الوزير أن هناك العديد من الدول تسعى لنقل تجربة التعليم المصرية، ولكن لم يفوت مداخلة هاتفية عبر البرامج التلفزيونية إلا وأكد على هذا الأمر، ردًا على شكاوى الطلاب وأولياء أمورهم.
ورغم إصرار الوزير على تصدير فكرة تهافت دول العالم على تجربة التعليم المصرية، إلا أن الصدمة بالنسبة للطلاب وأولياء الأمور والمنتبين للمنظومة التعليمية كانت تصدر الجرائد والمواقع الإلكترونية عنوان «اليونسكو تشيد بتجربة مصر في التعليم».
ولكن نص الخبر أفاد بحصول «شوقي» على لقب أفضل متحدث في الاجتماع الوزاري بعنوان «حول العودة إلى المدارس بالدول العربية في ظل أزمة كورونا وكيفية ضمان استمرارية التعليم الجيد للجميع»، بتاريخ 14 أكتوبر الماضي.
فضيحة مدوية
“ألم تسمع الدول المُشيدة والراغبة بنقل التجربة عن فشل مصر في اختبارات الاتجاهات العالمية في التحصيل الدراسي للرياضيات والعلوم الـ«TIMSS»!”، بدأ ممثل نقابة المعلمين المستقلين بالإسكندرية، محب عبود، حديثه مع «النبأ»، مستنكرًا تصريحات وزير التعليم، مُضيفًا أن ما حدث في اختبارات الـ«TIMSS» فضيحة مدوية، ويرجع سبب فشل مصر في تلك الاختبارات إلى أن الاختبارات لا تعتمد على رأي الوزير ولا الوزارة لكن تعتمد على معايير الجهة المنظمة، ولذلك ظهرت النتائج الحقيقة لما وصلت إليه المنظومة التعليمية.
أخفقت مصر في أكثر من قسم في تلك الاختبارات، رغم أنها كانت تحتل مراتب عالية فيها على مدار أكثر من 10 سنوات، إلا أنه في الاختبار الأخير خرجت بشكل نهائي من بعض الأقسام، في حين تقدمت عليها دول عربية في أقسام أخرى.
وتساءل «عبود» مستنكرًا، “الدول التي تسعى لتطبيق التجربة المصرية، لم يسمعوا عن إخفاقات مصر في مثل هذا التصنيف”.
إشادات مزعومة
“من المفترض أن يتم الإعلان عن تلك الإشادات –المزعومة- بشكل رسمي، والحقيقة أنه لم تحدث أي إشادات واقعية، فهل تتحشم تلك الدول من نقل التجربة!”، ويؤكد محب عبود وجهة نظره بهذه الكلمات، موجهًا تساؤلا إلى وزير التربية والتعليم، بأنه لماذا لم يرسل لجنة وخبراء إلى الدول التي تسعى لنقل تجربة التعليم المصرية، ما دام أنهم يسعون إلى نقلها؟
وعلق «عبود» على إشادة «اليونسكو»، بأن المنظمة لها تقارير رسمية تصدرها عبر موقعها الرسمي، ومن السهل البحث عن الإشادة المزعومة من قِبل الوزير، لاسيما وأن المنظمة تركز على قضيتي مجانية التعليم والمساواة في التعليم، وهما أمران لا وجود لهم في منظومة التعليم المصرية، فكيف تشيد «اليونسكو» بالتجربة؟!
تقييم التجربة العملية يختلف
“أنا مش هاشيد النهاردة وأطبق التجربة بكرة، البيئة مختلفة والثقافة والمجتمع والبنية التحتية للمنظومة التعليمية مختلفين أيضًا”، يؤكد مدير إحدى الإدارات التعليمية، على أن نقل التجربة التعليمية المصرية يحتاج إلى وقت ودراسة كبيرين، موضحًا أن تجربة تطوير التعليم لا تظهر بين يوم وليلة، وتحتاج إلى فترة كبيرة لاسيما وأنها تجرية طويلة المدى ومركبة
واختتم «محمد»، حديثه مع «النبأ»، بأن التقييم على تنفيذ تلك الأفكار النظرية، لن يكون في محله إلا بعد فترة كبيرة، مُضيفًا: لا يمكن الحكم بنجاح أو فشل تجربة التعليم المصرية، لاسيما وأننا في سنة أولى تجربة.
منظومة خطيرة
“ما يفعله وزير التربية والتعليم لا مثيل له في أي دولة من دول العالم”، اعترضت عميد كلية اللغة والإعلام بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا، عزة هيكل، على التطوير المزعوم في المنظومة التعليمية، في إشارة منها إلى خطورته، لاسيما فيما يتعلق بالكتاب المدرسي، وإلغاء التفاعل المباشر بين الطلاب والمعلمين.
وتساءلت فكيف لدول العالم أن تسعى إلى نقل تجربة التعليم المصرية، رغم أننا نرى أن الكتاب المدرسي أساسي في بريطانيا وفرنسا وكوريا وهولندا واليابان.