بايدن وإيران: عودة للاتفاق النووي القديم أم تفاوض على آخر جديد؟
لن يكون من السهل إحياء اتفاق تم تعطيله لسنوات، ومحاولة نقضه وهدمه بلا رحمة، بيد أن الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن تعهد بالقيام بذلك، ورحبت طهران بهذا التوجه.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع ، قال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن بلاده ستعود إلى العمل بالاتفاق النووي الجديد، المعروف باسم “خطة العمل الشاملة المشتركة” بعد إعلان الولايات المتحدة الأمريكية التزامها هي الأخرى، لكن هذا لوحده قد لا يكون كافيا.
مختارات
فهناك فرصة أن تطلب الولايات المتحدة والقوى الأوروبية المزيد من الحكومة الإيرانية، فمن ضمن التوقعات أن يتم فتح ملف برنامج إيران الصاروخي المثير للجدل ودعمها الإقليمي لجهات تعتبرها الولايات المتحدة وأوروبا مزعزعة للاستقرار. وكانت إيران قد أعلنت أنها على استعداد للتفاوض بخصوص هذه المخاوف مع جيرانها الخليجيين فقط. وفي حال استمرار الجدل حول هذه الأمور فإنها قد تفشل محاولات الاتفاق النووي.
الروح غير النووية للاتفاق النووي
الرئيس دونالد ترامب كان قد صرح مرارا أن إيران لا ترقى إلى مستوى روح الاتفاق النووي، وكان ترامب يكرر هذه الأقوال في كل مرة كانت بلاده تفرض عقوبات على طهران. فإدارة ترامب كانت مقتنعة أن الاتفاق النووي القديم كان فاشلا لأنه لم يحد من تحركات إيران في المنطقة.
عن هذا الأمر تقول كيلسي دافنبورت، مديرة سياسة منع الانتشار النووي في جمعية الحد من الأسلحة، وهي منظمة غير حزبية مقرها الولايات المتحدة: إنه “بدلاً من وأد الاتفاق، كان بإمكان ترامب البناء عليه لمعالجة المخاوف الأخرى. لكنه لم يفعل. قال ترامب مرارًا إنه يريد اتفاقًا جديدًا مع إيران . ومع ذلك، كما تشير دافنبورت، لم يكن لديه استراتيجية قابلة للتطبيق لتحل محل خطة العمل الشاملة المشتركة الحالية.
الآن، ومع تصريحات بايدن الجديدة بأن الولايات المتحدة ستعود للانضمام إلى هذه الاتفاقية، تتعالى الدعوات من أجل حث بايدن على إبرام اتفاق جديد.
إحدى هذه الأصوات المطالبة باتفاق جديد صدرت من ألمانيا، حيث صرح وزير الخارجية الألماني هايكو ماس في مقابلة مع مجلة ” دير شبيغل ” الأسبوعية مؤخرا أن “العودة إلى الاتفاق السابق لن يكون كافيا بل يجب أن يكون هناك اتفاق على إضافات جديدة على الاتفاق النووي”.
رافائيل غروسى، مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية: هناك اتفاق بين السياسيين الغربيين على وجود حاجة لاتفاق جديد لإحياء الاتفاق النووي الإيراني.
وعلاوة على ألمانيا، أشارت فرنسا والمملكة المتحدة كذلك إلى دعمهما لصفقة جديدة. وفي بيان صدر في مطلع كانون الأول / ديسمبر، رحبت الأطراف الأوروبية الثلاثة بالاتفاق النووي، المعروف باسم “E3″، “المسار الدبلوماسي الموسع مع إيران لمعالجة المخاوف”. والخميس الماضي، أيد مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسى توجه الدول الأوروبية مع إيران مضيفا “لا أستطيع أن أتصور أنهم سيقولون ببساطة لقد عدنا الى المربع رقم واحد، لأن المربع رقم واحد لم يعد موجودا “.
ودفع إيران لتقديم المزيد هو “أمر صعب”، وفقا لإيلي غيرانمايه، الخبير في خطة العمل المشتركة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: “الطريقة الوحيدة للتوجه نحو مزيد من المفاوضات مع إيران تكون بتنفيذ الاتفاق النووي وبناء الثقة داخل المؤسسة السياسية الإيرانية للوصول إلى انطباع بأن بإمكانهم فعلا الحصول على صفقات مع الغرب بطرق مستدامة تفيد إيران أيضا”.
ويقول غيرانمايه: “إن تخطي الاتفاق النووي لعام 2015 واقتراح مجموعة أوسع من الشروط والوصول إلى اتفاق أكبر، وهو ما لم يكن الإيرانيون على استعداد لقبوله، حتى في عهد ترامب، لن يكون ممكناً الآن”
بعد فوز بابدن: ما مصير الاتفاق النووي مع إيران؟
وعلى الرغم من أن حملة “الضغط” القصوى على إيران فشلت في تحقيق نتائج ، يشير بعض مسؤولي ترامب إلى أن بايدن يمكنه الاستفادة من هذه التجربة. إليوت أبرامز، الممثل الخاص للولايات المتحدة لدى إيران وفنزويلا، وهو أحد أولئك الموجودين حاليًا في البيت الأبيض الذين يعتقدون أن حملة الضغط ألحقت ألمًا كبيرًا بإيران وأن بايدن يجب أن يستخدمها للحصول على صفقة أفضل. وأوضح أبرامز في ندوة عبر الإنترنت نظمتها مجموعة متحدون ضد إيران النووية هذا الأسبوع أنه “لدينا نفوذ كبير، دعونا نستخدمه”.
على العكس من ذلك ، ترى دافنبورت أن السيناريو الذي يواجه بايدن مشابه لمفاوضات ما قبل خطة العمل الشاملة المشتركة: “يجب على الولايات المتحدة أولاً تحييد الخطر المتزايد الذي تشكله انتهاكات إيران للاتفاق النووي، واستعادة الثقة في مصداقية الولايات المتحدة من خلال الانضمام إلى الاتفاق، ثم متابعة المحادثات لمعالجة هذه القضايا الحاسمة التي تقع خارج حدود الاتفاق النووي”.
إيران ترفض توسيع التفاوض
حتى الآن، رفضت إيران إضافة أية بنود أخرى إلى الاتفاقية. وقال وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف في نوفمبر/ تشرين الثاني في مؤتمر سياسي في روما: “لن نعيد التفاوض على اتفاق تفاوضنا عليه”.
وتعتبر إيران برامجها للصواريخ الباليستية بمثابة خط دفاعي رئيسي. وغالبًا ما يقارن المسؤولون الإيرانيون النفقات العسكرية الكبيرة نسبيًا لجيرانهم مقابل صناعة الأسلحة والطيران الإيرانية الخاضعة للعقوبات. ويؤكدون أنه “ما لم توافق الدول الأخرى في المنطقة على نفس القيود، فإن طهران غير مستعدة لتقديم تنازلات.”
الحل الإيراني المقدم من قبل طهران لإنهاء المأزق يدعو لحوار إقليمي وبدون رعاية لقوى عالمية. وتنص “مبادرة هرمز للسلام” الإيرانية والتي يطلق عليها اختصارا “HOPE” (الأمل) على دعوة جيرانها لمناقشة مخاوفهم الأمنية الإقليمية، وذلك بحسب ما كتب وزير الخارجية جواد ظريف. وبدلاً من المشاركة المباشرة للقوى العالمية تدعم HOPE وجود هيئة دولية عليا للمشاركة، مثل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وذلك لرعاية نتائج المحادثات.
ردًا على الإجراءات الأمريكية في عصر ترامب؛ خرقت إيران بعض قيود الاتفاق على أنشطتها النووية
“وقد لا تكون المبادرة الإيرانية واقعية تماماً. ومع ذلك، يمكن أن يكون اقتراح إيران نقطة انطلاق بدونه لن يكون الاتفاق النووي فعالاً”، بحسب دافنبورت، فالقوى الغربية هي المزود الرئيسي للدعم العسكري والدفاعي لدول الخليج ولا يمكن استبعادها من المحادثات. بالإضافة إلى ذلك، ترى دافنبورت أن “التعامل مع أنشطة إيران الإقليمية المزعزعة للاستقرار تتطلب إجراء محادثات مع الطرفين في الشرق الأوسط والقوى العالمية”.
وتضيف دافنبورت: “من أجل تقديم المزيد من الضمانات بأن إيران لن تسعى إلى الحصول على أسلحة نووية في المستقبل، من المهم معالجة الأسباب الجذرية الكامنة التي قد تدفع طهران إلى اتخاذ قرار بأن فوائد الأسلحة النووية تفوق تكاليف الحصول عليها”.
لقد تغير الشرق الأوسط كثيراً منذ توقيع الاتفاق النووي. وقد قامت الامارات العربية المتحدة والبحرين، وهما من الدول العربية المجاورة لإيران، بالتطبيع مع اسرائيل، ويعتقد أن إسرائيل كانت وراء عدة هجمات على إيران. العلاقات متوترة. إن مناقشة القضايا الأمنية تتطلب مستوى عاليا من الثقة، ربما أعلى بكثير مما يمكن لإيران ومنافسيها الإقليميين والغرب حشده.
إعادة عقارب الساعة إلى عام 2015 أمر مستحيل، ولكن إذا فشلت الدبلوماسية مرة أخرى، فإن انتشار الأسلحة وانهيار الاقتصاد الإيراني المحتضر قد يتبعان ذلك. وهذا بدوره يمكن أن يؤدي إلى تبعات أمنية خطيرة للشرق الأوسط والعالم، أكثر خطورة مما هو قائم حاليا.