الروايات المختلفة لواقعة ضرب كمسري مصري لراكب أمام ابنته وماذا فعل المسؤولون
شهدت وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي في مصر جدلا خلال الساعات الماضية حول واقعة تعدي كمسري (موظف) في أحد القطارات على راكب بالضرب في حضور ابنته، وذلك بعدما عجز الأخير عن سداد قيمة غرامة مالية.
فيديو واقعة كمسري القطار أثار الرأي العام في مصر
زاد الحديث عن الواقعة بعد انتشار مقطع فيديو، أمس الثلاثاء، يظهر مشادة داخل إحدى عربات قطار 541 ركاب منوف / طنطا، يوم الإثنين الماضي، طرفاها السيدة التي صورت المقطع وعدد من الركاب من جهة، وقائد القطار ومساعديه من جهة أخرى.
روت السيدة ما حدث خلال الفيديو، حيث أكدت مرارا أن الكمسري تعدى بالضرب على الراكب أمام أعين ابنته، بعدما عجز الراكب عن دفع غرامة مالية طالبه بها كمسري القطار لأنه استقل القطار لمحطة إضافية.
هددت السيدة صاحبة الفيديو قائد القطار بتصعيد المشكلة إلى المسؤولين، مشيرة إلى أنها تعمل محامية، كما وثقت محاولة الركاب حماية المواطن وسداد الغرامة بدلا منه، إلا أن محاولاتهم قوبلت بالرفض من كمسري القطار الذي أصر على أن يدفع المواطن الغرامة بنفسه وإلا سيحرر محضرا ضده.
وجهت السيدة لقائد القطار والكمسري اتهاما باستغلال سلطتيهما في التعدي بالضرب على المواطن وإهانته أمام ابنته ما تسبب في جرح مشاعرها وبكائها شفقة على أبيها.
المواطن: حالة بنتي النفسية سيئة
تحدث الراكب الذي تعرض للضرب، ويدعى محمد رشاد، قائلا إنه مقيم في القاهرة وأب لثلاث بنات يعتني بهن بمفرده بعد وفاة زوجته منذ 3 سنوات، وفي يوم واقعة التعدي عليه كان ذاهبا لزيارة والدة زوجته المريضة برفقة ابنته مريم.
وأوضح رشاد أن حالة ابنته النفسية سيئة للغاية وأنها لاتزال تبكي لأنه تعرض للإهانة أمامها، مشيرا إلى أن الكمسري صفعه على وجهه، رغم أن أكثر من شخص من ركاب القطار عرضوا على الكمسري دفع الغرامة لكنه رفض، وأصر على تحرير المحضر.
بطلة فيديو واقعة كمسري القطار تصعد الأمر
نفذت السيدة التي صورت فيديو المشادة بين الكمسري والراكب، وتدعى هناء زكي، تهديدها بتصعيد الأمر وفضح فعلة كمسري القطار، حيث أجرت مداخلة لبرنامج “رأي عام” المذاع على فضائية “TeN”المصرية، كشفت خلالها عن مزيد من التفاصيل حول الواقعة.
وأوضحت السيدة هناء زكي، إنها صورت الواقعة عندما رأت الأب يهان أمام ابنته، مشيرة إلى أن الكمسري لم يكترث بتهديدها بتصويره قائلا لها: “صوري أنا مش هاممني”.
وتابعت السيدة بأن الواقعة انتهت بنزول الأب في محطة شنوان، مرجعة ذلك لخوفه من التعرض للضرب مجددا أمام صغيرته.
وكشفت السيدة هناء عن أنها فوجئت باتصال من نقطة الشرطة تطلب منها دفع غرامة لتسببها في تعطيل القطار، مختتمة حديثها بأنها تريد حق الطفلة بعد أن تأثرت نفسيتها بإهانة والدها الذي لم يكن معه أي أموال لدفع الغرامة.
ضجة إعلامية ومطالب بحق الطفلة وأبيها
لم يقف الأمر عند هذا الحد، فاستمرت الضجة الإعلامية التي أحدثتها الواقعة، حيث استنكرت الإعلامية عزة مصطفى، واقعة التعدي على المواطن خلال برنامج “صالة التحرير” المذاع على قناة “صدى البلد”.
وقالت الإعلامية أن الراكب لم يستطع النزول من القطار في المحطة التي كان يريدها، وأن القطار واصل سيره بعيدا عن تلك المحطة، فيما كان الراكب لا يملك مالا يدفعه مقابل بقائه بالقطار حتى المحطات التي ذهب إليها بالخطأ.
ووصفت الإعلامية ما حدث بأنه “مسألة كارثية على المستوى النفسي”، مشيرة إلى أنه حتى لو تلقى الكمسري عقابه، فهذا لا ينفي أن إهانته الرجل من الكمسري أمام كل الركاب وأمام طفلته مشكلة إنسانية نفسية.
وطالبت عزة مصطفى برد حق الطفلة وحق أبيها ورد اعتبارها الإنساني، مشيرة إلى أن هذا المشهد سيظل داخل عقل الطفلة ونفسها طوال حياتها.
واستنكرت الإعلامية موقف الكمسري قائلة إنه لو كان إنسانا طبيعيا واحتاج الراكب منه 10 جنيهات لاحتسبت له صدقة، واختتمت حديثها بأنه من حق الطفلة أن تُسأل عما تريده لرد اعتبار والدها، وأن البنت ربما تطلب أن يضرب والدها الكمسري.
إيقاف كمسري القطار عن العمل وتحويله للتحقيق
لم تلبث الهيئة القومية لسكك حديد مصر طويلا حتى أصدرت بيانًا، أمس الثلاثاء، حول الواقعة قالت فيه إنه “تم إيقاف كمسري القطار عن العمل وتحويله للتحقيق الفوري”، مؤكدة على أن العقاب المغلظ سيطول المخطئ، وأنه “لا تهاون في حق أي راكب”.
ونوه البيان بأن لوائح هيئة السكة الحديد وتوجيهات وزير النقل، قائمة على حسن معاملة الركاب، وأن تكون تلك المعاملة في كافة المواقف، وفقًا للقانون وفي إطار الاحترام التام.
واختتمت الهيئة بيانها بأن جميع العاملين يعملون لأجل خدمة الراكب المصري ويهتمون بتسهيل تنقله عبر خطوط هيئة السكك الحديدية المختلفة، ويحرصون في الوقت ذاته على حق الهيئة في تحصيل قيمة تذكرة الركوب بالطرق القانونية.
ليست الواقعة الأولى من موظفي قطارات السكك الحديد المصرية
يذكر أن واقعة إهانة المواطن محمد رشاد على يد كمسري القطار ليست الأولى من نوعها، حيث شهد شهر سبتمبر/أيلول الماضي واقعة ماشبهة، حيث تحدث كمسري القطار بأسلوب غير لائق مع مجند لعدم امتلاكه تذكرة.
يشار إلى أن من دافع عن المجند في تلك الواقعة أيضا كانت سيدة وتدعى صفية إبراهيم أبو العزم، حيث أصرت على دقع ثمن التذكرة بدلا من المجند الذي رفض وأصر على إعادة النقود لها.
وأصدر الجيش المصري في ذلك الحين بيانا حول الواقعة توجهت فيه القيادة العامة للقوات المسلحة بخالص الشكر والتقدير للسيدة المصرية التى شهدت الواقعة فى القطار، وتمسكت بدفع ثمن تذكرة الركوب، ووصف البيان ما فعلته السيدة بأنه “تعبير عن أصالة المرأة المصرية التى تحمل فى قلبها الكثير من العطاء والإنسانية والأمومة”.
من جانبها تقدمت وزارة النقل المصرية بالاعتذارا عن ما صدر من الكمساري من تجاوز في حق المجند، وأكدت الوزارة إنه “تم إيقاف مرتكبي الواقعة عن العمل وإحالتهم للتحقيق الفوري”.