“الصحة الذكية”.. «مزيج من خدمات الرعاية الصحية لمساعدة المواطن على تقليل نفقات العلاج»
في إطار استعداد وزارة الصحة للانتقال إلى العاصمة الإدارية، يتم اتخاذ جميع التدابير اللازمة لميكنة الخدمات الصحية بالكامل؛ حيث سيتم ربط قاعدة البيانات الخاصة بجميع مبادرات الصحة العامة بمجمع الوثائق المؤمنة والذكية، بما يضمن تيسير تقديم الخدمات الطبية للمواطنين، وفقا لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي، أيضًا سيتم تحليل بيانات المواطنين بما يسهم في تقديم العلاج للمرضى، والمتابعة الدورية للحالة الصحية للمواطنين، استنادًا إلى المؤشرات والنتائج الخاصة بتحليل تلك البيانات.
التأمين الصحي الشامل
يُعد مشروع التأمين الصحي الشامل تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي بمثابة تغيير جذري في مضمون المنظومة الصحية، ويسهم في تقديم رعاية صحية متكاملة لجميع المواطنين من خلال خدمات طبية وفقا لأعلى معايير الجودة، كما أن هذا المشروع هو أحد أهداف رؤية مصر 2030. وهنا، تسهم “رقمنة” الخدمات الصحية في مواكبة ودعم هذا المشروع القومي، بما يضمن تحقيق المساواة في حصول جميع المواطنين على الخدمات الطبية بأعلى جودة، ودون أي عقبات تواجههم، وبكل سهولة ويسر.
الصحة الذكية
في هذا السياق، تبذل وزارة الصحة جهودًا كبيرة في تدشين البنية التحتية المعلوماتية اللازمة للتحول الرقمي بالمنشآت الصحية التابعة للهيئة العامة للرعاية الصحية بمختلف المحافظات، باعتبارها أداة الدولة الرئيسية لتقديم الخدمات الصحية لمنتفعي التأمين الصحي الشامل، لتصبح هيئة الرعاية الصحية أول هيئة ذكية رقمية في تقديم الخدمة تسهيلا على المنتفعين، ليتطابق ذلك مع مقاييس الجودة العالمية في تقديم الخدمات والرعاية الصحية. سنناقش فيما يلي الدور المحوري الذي تلعبه تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في القطاع الصحي، وما يترتب عليه من فوائد هائلة للمواطنين، خاصة مع دخول مصر في عصر المدن الذكية:
نقلة نوعية
لقد جذبت تكنولوجيا المعلومات والاتصالات القطاع الطبي، حيث بدأ التوجه إلى استخدام مجموعة من الأجهزة والأنظمة المعقدة مع أجهزة الكمبيوتر وأجهزة الاستشعار وقواعد البيانات، وهو ما يطلق عليه “الصحة الإلكترونية E-health“، والتي يمكن تعريفها على أنها مجال ناشئ في تقاطع المعلوماتية الطبية والصحة العامة والأعمال التجارية، والذي يشير إلى الخدمات الصحية والمعلومات المقدمة أو المعززة من خلال الإنترنت والتقنيات ذات الصلة.
الصحة الذكية
وبالتالي، يمكن استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في مجموعة متنوعة من المهام المتعلقة بالصحة، بما في ذلك التواصل بين المرضى والأطباء ومقدمي الرعاية، توفير الرعاية عن بُعد، الدعم عن بُعد للسجلات الطبية التشخيصية الإلكترونية، مراقبة الالتزام بالأدوية، وما إلى ذلك. أيضا يُسهم تطبيق تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في قطاع الرعاية الصحية في تقليل تكاليف الإدارة وزيادة الكفاءة.
الرعاية الصحية عن بُعد
بشكل عام، يمكن اعتبار الصحة الإلكترونية ثورة في هذا المجال، ولكنها ربما تحدث ثورة أكثر أهمية بسبب استخدام الأجهزة المحمولة (مثل، الهواتف الذكية)، وهو ما يطلق عليه “الصحة المتنقلة M-health“، والتي يمكن تعريفها على أنها النظام الذي تأسس على استخدام أجهزة الاتصالات المحمولة في طب أو أكثر، وتقديم خدمات الرعاية الصحية عبر هذه الأجهزة، لا شك أن مراقبة المرضى عن بُعد والتواصل بين المهنيين والمرضى، ستستفيد من الصحة المتنقلة بشكل خاص.
الصحة الذكية
وهنا، نجد أن الصحة المتنقلة قد أعادت تعريف خدمات الرعاية الصحية في ثلاثة جوانب رئيسية: (1) تتيح سهولة الوصول إلى عدد غير مسبوق من الخدمات والمعرفة. (2) يمكن أن تكون موجهة للمستخدم. (3) يمكن تخصيصها.
من أبرز المجالات التي تتشابك في سياق الصحة المتنقلة والمدن الذكية للمساهمة في مفهوم “الصحة الذكية S-health“:
(أولا) الحوسبة السحابية والأنظمة الموزعة: أدى ظهور الأجهزة المحمولة إلى جعل ملايين الأشخاص يتجهون إلى الخدمات المستندة إلى السحابة. في هذا الإطار، أصبحت البنية التحتية كخدمة (IaaS)، والنظام الأساسي كخدمة (PaaS)، والبرمجيات كخدمة (SaaS) من أهم المصطلحات الشائعة. يُعد استخدام الخدمات السحابية والأنظمة الموزعة أمرا بالغ الأهمية للصحة المتنقلة والمدن الذكية، نظرا لأن مجموعة متنوعة من الأجهزة يجب أن تتعايش في بيئة غير متجانسة للغاية. وبالتالي، فإنها ستكون ذات أهمية كبيرة للمفهوم الجديدة للصحة “S-health“.
(ثانيا) شبكات الاستشعار وشبكات منطقة الجسم وتشغيلها البيني: من العناصر الأساسية لتوفير الصحة بطريقة مخصصة، إمكانية جمع بيانات متعددة من المرضى والبيئة. وهنا، تُعد الأنظمة اللاسلكية حلًا مثاليًا لتكون وسيلة اتصال من المستخدمين إلى البنية التحتية، وكذلك بين البنى التحتية.
(ثالثا) حماية الخصوصية والأمان: في قطاع الرعاية الصحية ستكون قضايا الخصوصية أكثر وضوحا، على سبيل المثال، يمكن النظر إلى المراقبة المستمرة للمرضى على أنها انتهاكا للخصوصية، وبالتالي يجب أخذ هذه المُعضلة في الاعتبار من أجل طمأنة المرضى، وتعزيز وعيهم حول أهمية هذه المراقبة لهم. وهنا، ستلعب تقنيات استرجاع المعلومات الخاصة وإخفاء الهوية دورًا رئيسيًا في الصحة الذكية؛ حيث تستخدم أنظمة الكمبيوتر كلمات المرور لتحديد الأشخاص والمصادقة عليهم.
ومن أجل الحصول على الأمان في عملية المصادقة، يتم استخدام بروتوكولات الأمان التي تعتمد على تشفير المفتاح العام، هذا بالإضافة إلى اعتماد ميزات المقاييس الحيوية (مثل، بصمات الأصابع) بشكل تدريجي. أيضا، يتم استخدام تقنيات مثل تعريف التردد اللاسلكي (RFID)، لتحديد الأشياء المادية والأشخاص.
الصحة الذكية
هي توفير الخدمات الصحية باستخدام الشبكة الواعية بالسياق والبنية التحتية للاستشعار للمدن الذكية. وفقا لهذا التعريف، تعد الصحة الذكية جزءًا أساسيًا من الصحة الإلكترونية، نظرا لأنها تعتمد على البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في المدينة الذكية. ومع ذلك، تختلف الصحة الذكية عن الصحة عبر الهاتف المحمول، فالبنية التحتية الأساسية المستخدمة قد لا تكون متنقلة على الإطلاق.
نظرة مستقبلية
سيؤدي تزايد متوسط عمر الأشخاص وظهور الأمراض المزمنة إلى زيادة الحاجة إلى المساعدة والرعاية الصحية، خاصة في المناطق الحضرية التي يوجد بها تركيز أعلى من السكان. في هذا الإطار، أسهمت التحسينات في التكنولوجيا الطبية في تحسين نوعية الحياة للمواطنين؛ لذا من المتوقع في المستقبل القريب، أن يتغير توفير الرعاية الصحية من خدمات الرعاية المركزية التي تقدمها العيادات والمستشفيات، إلى المراقبة الصحية القائمة على الخدمات المنتشرة في كل مكان. يرجع هذا التطور إلى سببين:
(1) هناك طلب متزايد على رعاية صحية أفضل وأكثر شمولا واستباقية، والتي يتمثل مكونها الرئيسي في التشخيص المُبكر للمشكلات الصحية، والذي يتم توفيره من خلال المراقبة طويلة الأجل. (2) هناك حاجة لتخفيف نفقات الرعاية الصحية المتزايدة، فمن خلال توفير الخدمات الصحية في منازل المرضى، قد لا تنخفض النفقات فحسب، بل يتم أيضا تزويد المرضى بنوعية حياة أفضل، بالإضافة إلى ذلك، ستتم مراقبة المرضى عندما يغادرون منازلهم باستخدام البنية التحتية للمدينة الذكية.