2022 عام السياحة المصرية.. الحكومة تمد فترة دعمها للقطاع حتى نهاية 2022..
تعتبر السياحة مقياسا شفافا لمدى استقرارية الأوضاع الأمنية والاقتصادية في الدول حيث كانت السياحة أول القطاعات المتضررة من حالة الفوضى التي انتابت الشارع المصري في أعقاب ثورة يناير وظل وضعها في التدهور إلى أن تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد الحكم في البلاد وبدأ على الفور في تبني إجراءات إصلاح شاملة فكانت السياحة أول القطاعات الرابحة من هذا.
لكن ما لبثت تلك الانفراجة في الاستمرار حتى عرقلتها جائحة كورونا ما دفع الدولة لتبني إجراءات دعم خاصة لهذا القطاع بالتحديد بدأت هذه الإجراءات منذ اكتشاف الجائحة وتم تجديدها لتستمر طيلة أيام عام ٢٠٢٢؛ حيث أعلن البنك المركزي، نهاية ديسمبر ٢٠٢١، موافقة مجلس إدارته على مد فترة سريان مبادرة دعم السياحة لمدة عام إضافي لتنتهي بنهاية شهر ديسمبر ٢٠٢٢ يتم خلالها قبول أي طلبات تأجيل لاستحقاقات البنوك لمدة حدها الأقصى ٣ سنوات للشركات، وقروض التجزئة للعاملين بقطاع السياحة.
دعم “المركزي”
وقال المركزي، في كتاب دوري منشور علي موقعه الإلكتروني، إنه تم اتخاذ هذا القرار بالإشارة إلى مبادرة البنك المركزي لدعم قطاع السياحة الصادرة في مارس ٢٠١٣، وإلى مبادرة قروض التجزئة للعاملين بقطاع السياحة الصادرة في ٧ ديسمبر ٢٠١٥ ولكتب الدورية لهما، وآخرها الكتاب الدوري الصادر في أزمة فيروس كورونا وتأثيراتها علي قطاع السياحة.
وأظهر الكتاب الدوري، الموقع باسم جمال نجم، نائب محافظ البنك المركزي موافقة مجلس إدارة البنك المركزي بجلسته المنعقدة في ٢١ ديسمبر ٢٠٢١ على مد فترة سريان مبادرة السياحة لمدة عام إضافي لتنتهي بنهاية شهر ديسمبر ٢٠٢٢ يتم خلالها قبول أي طلبات تأجيل لاستحقاقات البنوك لمدة حدها الأقصى ٣ سنوات.
وذلك مع تأكيد “المركزي” على أن المحددات الواردة بالمبادرة هي محددة استرشادية تقوم البنوك من خلالها بدراسة كل حالة على حدة واتخاذ القرار المناسب بشأنها، فضلا عن استمرار سريان باقي شروط المبادرة.
إلى جانب مد فترة مبادرة قروض التجزئة للعاملين بقطاع السياحة لمدة عام على أن تنتهي في شهر ديسمبر ٢٠٢٢ يتم من خلالها السماح للبنوك بإمكانية ترحيل استحقاقات عملاء القروض لأغراض استهلاكية والقروض العقارية للإسكان الشخصي لمدة ٦ أشهر إضافية من تاريخ استحقاقها، وذلك للعملاء المنتظمين فقط وفقا لمراكز ٣٠ سبتمبر ٢٠٢١ للعاملين بالقطاع مع عدم احتساب فوائد تأخير عن تلك الفترة مع استمرار سريان بنود المبادرة. بالإضافة إلى عدم المساس بالمخصصات القائمة مع الأخذ في الاعتبار متطلبات المعيار الدولي للتقارير المالي (IFRS٩) مع إمكانية تأجيل استحقاقات العملاء من العاملين بقطاع السياحة الذين سبق أن استفادوا من مبادرة قروض التجزئة للعاملين بالقطاع منذ صدورها في ٧ ديسمبر ٢٠١٥.
وضمن مبادرة دعم السياحة والارتقاء بها اعتمد الدكتور خالد العناني، وزير السياحة والآثار، القرار الوزاري رقم ٣٢٩ لسنة ٢٠٢١، بمد وقف طلبات تراخيص شركات سياحية جديدة لمدة عام، بفئاتها المختلفة لعدم حاجة البلاد إليها خلال هذه الفترة. ويطبق القرار اعتبارا من تاريخ نهاية سريان القرار الوزارى رقم ٨ لسنة ٢٠٢١، والذي جدد وقف التراخيص لمدة عام، بعد أن صدر لأول مرة عام ٢٠٠٩ عن طريق وزير السياحة الأسبق زهير جرانة.
وفي هذا السياق يقول الدكتور إيهاب موسى، الخبير السياحي وعضو ائتلاف دعم السياحة المصرية، إن السياحة بصفة عامة، وليس في مصر فقط، تمر بفترة عصيبة للغاية بسبب الأزمات التي نواجهها في ذلك القطاع بسبب فيروس الكورونا، موضحًا أن فيروس كورونا قريبا سينتهي قريبا وسيكون مرض عادي كالأنفلونزا وغيرها من الأمراض الثانوية التي نتعامل معها دائما.
وتابع موسى في تصريحات، أن الفرق واضح بين بداية جائحة كورونا والآن موضحًا أن مصر لم تتأثر كثيرا مقارنة بدول عديدة في أوروبا وأمريكا، مؤكدا أن خير دليل على ذلك افتتاح متحف الحضارة وطريق الكباش والحدث الأهم في نهاية ٢٠٢٢ هو افتتاح المتحف المصري الكبير، مشيرًا إلى أن تلك الخطوات ستعمل بشكل كبير على نقلة كبيرة في مجال السياحة المصري.
وأضاف موسي، أن ما قدمته الحكومة لدعم القطاع السياحي كثير جدا ولكن هناك مشاكل أخرى لابد وأن تتدخل الحكومة لحلها وهي أبعاد من يمارسون مظاهر متطرفة داخل قطاع الآثار والسياحة لذلك لابد وأن السياسات التي نتعامل بها في الفترة الأخيرة يتم تغييرها إذا كنا نريد سياحة حقيقية مثل باقي دول العالم، وأوضح موسي أن مصر تملك إمكانيات كبيرة للغاية في مجال السياحة لو تم استغلالها بشكل صحيح لأصبحت مصر من أقوي الدول السياحية في العالم، خاصة وأن مصر تمتلك معالم سياحية وآثار لا يوجد في أي دولة في العالم.
ترخيص الشركات
وأوضح موسي، أن استمرار إغلاق تراخيص السياحة فهو استمرار لتشجيع مجموعة قليلة جدا على السياحة دون النظر لحرمان أجيال كاملة من العمل الذي يفضله البعض موضحًا أن ذلك سيكون سببا في تربيح البعض ثمن الترخيص مضاعف وحرمان الدولة من الرسوم، خاصة أن قرار البنك المركزي غير المفعل لن يكون له تأثير كبير لو أقر بنفس المفهوم السابق لأننا نحتاج لقرار خارج الصندوق وإلى أساليب مختلفة تختبر فكر القائمين علي السياحة والآثار قبل كل شيء وتتخلص من الروتين والراديكالية، خاصة وأن الدولة لها دور كبير للغاية في تنشيط السياحة في الفترة الأخيرة، موضحًا أن الرئيس عبد الفتاح السيسي يبذل مجهودات كبيرة من الأقصر إلي المنيا ثم أسوان وبعد عدة أيام في شرم الشيخ وهذا خير دليل على أننا نسير في الطريق الصحيح.
وأضاف موسى، أن نظرته للسياحة في ٢٠٢٢ في ظل الظروف الحالية سيكون الأمر مختلفا تماما عن الأعوام السابقة بفضل طريق الكباش والمتحف المصري الجديد وغيرهما من المشاريع السياحية العملاقة التي تمت مؤخرًا ولكن لابد من العمل علي زيادة أعداد السياح عن المعدلات الحالية وتغيير المفهوم وطريقة التفكير وأسلوب العمل، موضحًا أن تلك الخطوات سيعمل بشكل كبير على زيادات كبيرة في قطاع السياحة.
وأشار موسى، لكي نرتقي بمنظومة السياحة وزيادتها بشكل أكبر في الفترة المقبلة لابد تثقيف القائمين على الآثار والسياحة والتأكد أنهم لا يحملون أفكارا متشددة، ثانيا تثقيف كل المتعاملين مع السائحين من أصحاب الشركات وحتى الباعة الجائلين يجب أن يكون مظهرهم العام يتماشى مع السياحة في مصر، إلى جانب نشر الوعي السياحي من خلال البرامج والصحف والمدارس، بالإضافة إلي شرح أهمية السياحة بالنسبة للاقتصاد وشرح معنى أنها تصدير للخدمات ومصدر من أهم مصادر العملة الصعبة في مصر ومساهمة السياحة في الدخل القومي، ووضع الأفكار التسويقية التي تعمل علي جذب السياح إلى مصر مع العلم أن تكون تلك الأفكار خارج الصندوق والاستفادة من تجربة الدول المحيطة والمتشابهة معنا سياحيا.
إيرادات السياحة
وفي نفس السياق قال الخبير الأثري والمتخصص في علم المصريات، أحمد عامر، إن قطاع السياحة يُعتبر واحدًا من أهم القطاعات لدي الكثير من دول العالم نظرًا لما يوفره من عملة صعبة لأي دولة، بالإضافة إلى توفير فرص عمل حقيقة، كما أنه يساهم بشكل مباشر في تعافي القطاع السياحي بشكل كبير بعد ظهور فيروس “كورونا” ويرجع السبب في ذلك إلى الإجراءات الصارمة التي اتخذتها الدولة في محاربة هذا الفيروس الخطير والذي انتشر بشكل كبير، فنجد تطعيم العاملين في القطاع السياحي، بالإضافة إلى التفتيش المستمر على الفنادق للتأكد من تطبيق الإجراءات الاحترازية من عدمه.
وتابع “عامر” في تصريحات، أن القطاع السياحي حقق أرباحًا جيدة جدًا في عام ٢٠٢١، على عكس ما حدث في عام ٢٠٢٠، حيث حدث شبه انهيار من حيث إغلاق العديد من المنشآت الفندقية والشركات السياحية سواء من تعمل في السياحية الخارجية أو السياحة الدينية، حيث إن هذه الأزمة أدت إلى انخفاض أعداد السائحين القادمين إلى مصر خلال عام ٢٠٢٠ بنسبة ٧٥٪، وهو ما أدي إلى انخفاض الإيرادات السياحية بنسبة كبيرة، الأمر الذي أثر بشكل كبير على موارد النقد الأجنبي.
وقبل نهاية يناير ٢٠٢١، أعلنت وزارة السياحة، على لسان غادة شلبي نائبة وزير السياحة والآثار، أن إيرادات السياحة في البلاد خلال عام ٢٠٢١ تجاوزت ١٣ مليار دولار لتعود إلى مستويات ما قبل الجائحة.
وكانت إيرادات السياحة نحو ٤ مليارات دولار في ٢٠٢٠، بانخفاض ٧٠٪ من ١٣.٠٣ مليار في العام السابق، وسط جائحة كورونا التي ألحقت ضررًا شديدًا بالقطاع، وتوقعت نائبة الوزير، أن يتجاوز العام الجاري إيرادات ٢٠٢١ في ظل استراتيجية قوية تشمل مشروعات عملاقة تنفذها الدولة وتستهدف نمو قطاع السياحة.
ضوابط السلامة الصحية
قال الخبير الأثري أحمد عامر، إن الحكومة قدمت بعد النصائح للسائحين، حيث إن الحكومة شددت على عدم تشغيل أي منتجع أو فندق دون الحصول على شهادة السلامة الصحية، والتى يتم منحها بعد التأكد من تطبيق الفندق لكافة الضوابط التى أقرها مجلس الوزراء لاستضافة النزلاء، والتى تشمل إجراءات التعقيم والتطهير للغرف والمطاعم.
وتابع: “نجد أنه فور وصولك الفندق لا بد من قيام إدارته بتعقيم الأمتعة، والحرص على المرور من أجهزة التعقيم عند مدخل الفندق، وتوفير معقم اليدين فى منطقة الاستقبال، وتطهير كافة المناطق باستمرار وفقًا لتعليمات وزارة الصحة، أما بشأن غرفتك، فلابد من التأكد بمرور ١٢ ساعة على مغادرة الساكن السابق منها، ولا يجوز تسكين أكثر من شخصين بالغين فى الغرفة، وعدم إقامة أى حفلات أو أفراح داخل المنشأة، مع وضع لافتات للتوعية والوقاية من انتشار العدوى، كما تتضمن شروط السلامة ضرورة توافر وسائل التهوية الجيدة فى جميع الأماكن والتأكد من المسافة الآمنة بين طاولات المطعم على أن يكون الحد الأقصى للكراسى ٤ لكل طاولة، فضلًا عن تطهير المطعم والطاولات والأدوات بعد كل وجبة والمتابعة الدورية على موردى السلع والخدمات والتأكد من وجود لافتات لا تلمس الطعام باليد”.
حملة تسويقية دولية
واستطرد الخبير الأثري أن البنك المركزي ساهم في تلك الأزمة عن طريق عن مبادرة بمبلغ ٥٠ مليار جنيه لتطوير وإحلال وتجديد المنشآت الفندقية والسياحية وتخفيض سعر الفائدة من ١٢٪ إلى ١٠٪ ثم إلى ٨٪، كما قام البنك بمد العمل بهذه المبادرة لمدة عام إضافى ينتهى في ٣١ ديسمبر ٢٠٢١، بالإضافة إلى تقديم البنك بمبادرة بسعر فائدة ٥٪ لسداد مرتبات العاملين بشرط عدم تسريح العمالة، كما وافق على المساهمة بنسبة ٥٠٪ في تمويل تكلفة حملة تسويقية دولية يتم إعدادها للترويج للمقصد السياحي المصري، أما عن قرار وقف إصدار ترخيص شركات سياحية جديدة لمده عام فهو ليس جديدًا، نظرًا لأن ذلك القرار صدر من عام ٢٠١٧م ويتم تجديده سنويًا، فهذا القرار لن يؤثر علي القطاع في تلك نظرًا لما يمر به القطاع نفسه في ظل وجود أزمة فيروس “كورونا”، ولكن عقب انتهاء الوباء لابد من مراجعة هذا القرار وفقًا لطبيعة الحركة السياحية الوافدة للدولة المصرية.
٢٠٢٢ عام السياحة المصرية
وعن السياحة في العام الحالي ٢٠٢٢ قال عامر، من الممكن أن تنتعش بشكل كبير عن العام السابق نظرًا لأن الدولة المصرية قامت بافتتاح العديد من المشروعات الأثرية مثل تطوير ميدان التحرير، وكذلك النقل الأسطوري لموكب المومياوات في شهر إبريل الماضي من المتحف المصري بالتحرير إلي المتحف القومي للحضارة بالفسطاط، بالإضافة إلي إعادة افتتاح طريق الكباش مرة آُخرى في شهر ديسمبر ٢٠٢١، بالإضافة إلى الاكتشافات الأثرية التي ساعدت على انتعاش القطاع السياحي بشكل كبير، في النظرة المستقبلية لحركة السياحة جيدة، ولكن متغيرات الوضع الراهن لفيروس “كورونا” هي التي سوف تحدد الحركة السياحة في ظل إعادة إغلاق بعض الدول بسبب الانتشار السريع للوباء.
الافتتاحات الجديدة
بينما قال الخبير السياحي محمد عثمان، رئيس لجنة تسويق السياحة الثقافية بمحافظة الأقصر، إن الفترة الأخيرة شهدت تطورات عديدة في البنية التحتية أدت الي تطور كبير في الطرق والمنشآت السياحية، وتابع عثمان أن أهم خطوة تمت من قبل المسئولين عن السياحة في مصر في الفترة الحالية هي الاهتمام بالسياحة في محافظات الصعيد مثل مدينة الأقصر وأسوان وغيرها من المدن التي كانت تعاني من قلة الرواج للسياحة فيها خلال السنوات الماضية.
السياحة الداخلية
وأضاف عثمان، أن أهم خطوة يجب أن نعمل عليها في الفترة القادمة هي الترويج للسياحة بشكل صحيح وعمل إعلانات تجذب المزيد من السياح إلى جانب الاهتمام بالسياحة الداخلية، موضحًا أن السياحة الداخلية كان لها دور كبير للغاية في فترة فيروس كورونا مؤكدًا أن السياحة كانت تعتمد بشكل كلي علي السياحة الداخلية في تلك الفترة بسبب توقف حركة الطيران ومنع بعض الدول السفر لمصر بسبب انتشار الفيروس.
وأكد هشام إدريس، عضو الجمعية العمومية لغرفة شركات ووكالات السفر والسياحة، أن خير دليل على أن السياحة في زيادة مستمرة هي نسبة الإشغالات بالفنادق في جميع محافظات الجمهورية وخاصة في المناطق السياحية في ازدياد مستمر مقارنة بالعام الماضي، موضحًا أن الفضل في ذلك يرجع الي القيادة السياسية والمسئولين عن ملف السياحة في مصر الذين أداروا الملف بصورة أكثر من رائعة.
وأضاف إدريس، أن العام الحالي ٢٠٢٢ سيشهد تطورا كبيرا في ملف السياحة بفضل المشاريع وطريق الكباش والمتحف المصري، موضحًا أن افتتاح تلك المشاريع كان لها دور كبير للغاية في الترويج للسياحة المصرية داخليًا وخارجيًا، ولكن يجب أن نعمل في الفترة المقبلة على زيادة السياحة وارتفاعها لأعلى معدلاتها لأن ذلك سيوفر العملة الصعبة إلى جانب أن النهوض بالسياحة سيصب في مصلحة الاقتصاد المصري ويوفر فرص عمل للشباب ويقلل من نسب البطالة التي زادت بصورة كبيرة في الفترة الأخيرة.