“رشيد”.. على طريق السياحة العالمية
محافظ البحيرة: بدء إنشاء المدينة الجديدة وتطوير القديمة.. مدير الآثار : إعداد ملف لوضعها علي قائمة التراث العالمى
اختارت مصر مدينة رشيد التابعة لمحافظة البحيرة لترشيحها فى قائمة التراث العالمى لمنظمة اليونسكو، تلك المدينة التى تعد واحدة من أهم وأجمل مدن مصر الواقعة على ضفاف النيل عند التقائه بالبحر المتوسط, كما أنها تموج بآثار إسلامية وتمثل المركز الثانى بعد مدينة القاهرة فى تلك الآثار, حيث تنفرد آثارها بطابع معمارى مميز عن باقى الآثار الإسلامية فى البلاد، سواء بالنسبة للعمائر المدنية أو الدينية.
وأكد اللواء هشام آمنة محافظ البحيرة اهتمام القيادة السياسية بتطوير مدينة رشيد والتى تضم أكثر من ثلث الآثار الإسلامية بمصر, لافتًا إلى أن تطوير رشيد يعد أحد المشروعات القومية لما تتمتع به من مقومات سياحية وتاريخية وثقافية وتراثية, بالإضافة إلى إنشاء مدينة رشيد الجديدة على غرار مدينة العلمين, وهى من المشروعات التي سوف تحدث نقلة نوعية بعد تخصيص مساحة ٣١٨٥ فدانًا لصالح هيئة المجتمعات العمرانية لإنشاء مدينة رشيد الجديدة بواجهة شاطئية بطول ١٠ كم وتبعد عن الطريق الدولي ٥ كم.
” بشائر الخير 4 “
وأضاف أنه يتم حاليا إنشاء مشروع بشاير الخير ٤ على مساحة ٤٣.٦ فدان، وهو عبارة عن ٣٣ برجا تضم ٤٥٥٤ وحدة سكنية، ومسجد ودار مناسبات، ومدرسة تعليم أساسى، ومستشفى، ومحلات تجارية، ومراكز حرفية، كما تم بناء لوحة توزيع كهرباء ٨ ميجا بتكلفة ٢٦ مليون جنيه على نفقة المحافظة لصالح المشروع، كما أنه جاري إنشاء مجمع مدارس علي مساحة ٢٠ ألف م٢ بالمنطقة الفاصلة بين بشائر الخير ٤ و منطقة رشيد الجديدة .
ميناء الصيد العملاق
وأشار المحافظ إلى بدء إنشاء ميناء للصيد بالمدينة، والذى يعد من المشروعات القومية العملاقة الذى سيحقق طفرة اقتصادية هائلة للمحافظة، وسيوفر فرص عمل مباشرة وغير مباشرة للشباب، وهو مقام على مساحة ٤٨ ألف م٢ بتكلفة إجمالية ٦٠٠ مليون جنيه .
وأوضح أن الميناء مكون من ١٢ مبنى ورصيف بطول ٨٥٠ م، ويسع الميناء ٦٠ مركب / ساعة، ويعد الأول من نوعه بمصر، ويضم ٣ مصانع ” مصنع لتعليب الأسماك، مصنع لشباك الصيد، مصنع للثلج “، بالإضافة إلى إنشاء ٢٢ مبنى للصناعات البحرية، ورصيف صيانة للسفن ومراكب الصيد على مساحة ٤ ألاف متر، بالإضافة إلى إقامة محطة كهرباء خاصة لتغذية الميناء بأكمله وبنسب تنفيذ بلغت ٨٧ %، ومن المقرر الانتهاء من الأعمال به نهاية شهر يونيو المقبل .
وكشف “أمنة” عن إنشاء كوبري “مزلقان الصيرفي” وهو يقع أعلي مزلقان السكة الحديد والذي يربط مدينة رشيد القديمة بالمدينة الجديدة ويعد ثاني كوبري بالمحافظة بهذا النظام بطول 660 م وعرض 17 م وبتكلفة 100 مليون جنيه .
توجيهات الرئيس
وأكد الدكتور محمد تهامى مدير عام آثار رشيد، أن مدينة رشيد تعد ثاني أكبر مُجمع للآثار الإسلامية فى مصر بعد مدينة القاهرة، كما أنها من المدن القليلة التي لا تزال تحافظ على طابعها الإسلامي والتراثي الفريد، ويوجد بها حوالي 39 أثراً إسلامياً يجعلها وكأنها متحف كبير مفتوح للعمارة الإسلامية، وعلى هذه الخلفية كانت توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال مؤتمر الشباب الذي تم عقده بمحافظة الإسكندرية عام 2017، بتطوير مدينة رشيد الأثرية وتحويلها إلى مدينة سياحية عالمية تأخذ مكانتها التي تستحقها على خريطة السياحة الإقليمية والدولية، وقد تم قطع خطوات على طريق تنفيذ تلك المهمة الوطنية، حيث تم ترميم وتطوير المدينة الاثرية وتحويلها إلى متحف مفتوح للآثار الإسلامية .
متحف إسلامى مفتوح
وقال “تهامى” إن المدينة تضم 22 منزلا أثريا وعشرة مساجد وحماما وطاحونة وبوابة وقلعة وبقايا سور قديم، كما يوجد بها قلعه قايتباى والتى تقع على الشاطئ الغربي للنيل والتى أنشأها السلطان قايتباى سنة 901 ه، وهي تشبه الحصن في بنائها المربع وأبراجها الأربعة المستديرة، ويحيط بهذه الأبراج خنادق لا تزال أثارها موجودة حتى الآن، وعثر بها على حجر رشيد والذي يعد مفتاح اللغة الهيروغليفية والحضارة الفرعونية، والذي اكتشفه أحد ضباط الحملة الفرنسية ( بوشار) عام 1799 وتم فك رموز الحجر على يد العالم شامبليون .
وأضاف أنه يوجد برشيد منزل الأمصیلی والمسجد المعلق، وطاحونة أبو شاهين والتي تعد أقدم الطواحين بمصر والتي أنشأها عثمان أغا الطوبجي، وقد خصصت لطحن الغلال وكانت تدار بواسطة الدواب، وهي طاحونة مزدوجة لها تروس خشبية والتي ما زالت باقية حتى الآن .
الحديقة المتحفية
وأوضح أنه يوجد بمدينة رشيد الحديقة المتحفية والتى تقع ضمن حرم متحف رشيد القومي الأثري ومقامة علي مساحة 3 ألاف متر2، وكان الهدف منها أن يوضع بها القطع الأثرية الضخمة، وكذلك كونها صالة عرض مفتوح للتراث القديم، مشيرا إلى أن الحديقة الآن تعد مزاراً سياحياً يتبع متحف رشيد القومى ومتنفساً للأهالي والزائرين، وتتضمن قاعة ندوات كبار الزوار، ومكتب شرطة سياحة ومكاتب إدارية، ويقام بها العديد من القوافل الثقافية والمهرجانات التعليمية، فضلا عن معارض الصناعات اليدوية مثل السجاد اليدوى والجريد والخزف وقرن الجاموس والكليم، ومجموعة من اللوحات الفنية ومعرض لمنتجات ذوى الهمم ، وذلك بمشاركة مشروع المرأة المعيلة بالوحدة المحلية برشيد وجهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر والجمعيات الأهلية .
وأشار تهامى إلى أنه تم إعداد ملف خاص عن مدينة رشيد التاريخية وتقديمه لمنظمة اليونسكو من أجل وضعها على قائمة التراث العالمي .
ثروة تراثية نادرة
تقول الدكتورة حنان الشافعى أستاذ الآثار وعميد كلية الأداب سابقا بجامعة دمنهور، أن مدينة رشيد تحتضن العديد من المناطق والأماكن الآثرية التى ترجع إلى العصور القديمة وتخطف أنظار زائريها، ويوجد بها ثروة تراثية نادرة، حيث تميزت أبنيتها وواجهاتها بالأعمدة والتيجان القديمة، ومزينة بالطوب المبخور الأسود والأحمر، وبها زخارف من الجص والفخار على المداخل تضم عناصر هندسية، والأبواب ذات الخوخات المدعومة بالمسامير الحديدية المكوية للحماية . وأضافت أن الخشب لعب دورا معماريا فى أسقف المنازل، حيث أبدع المعمار فى استخدام الأقبية المتقاطعة فى تغطية المخازن والوكالات بالمنازل، كما ضمت منازل رشيد عدداً من “الأسبلة” التى ألحقت بها والتى صنعت شبابيكها من المصبعات والأكر النحاسية، وأحيطت بعض الأسبلة بالأشرطة الرخامية التى نفذت عليها الزخارف، وفى أحيان أخرى بلاطات القيشانى، وحمامات تضم قدورا من الفخار دست من النحاس للماء الساخن .
وأوضحت أن ” الأغانيات ” كانت من العناصر التى انتشرت فى منازل رشيد، وهى عبارة عن دواليب من الخشب المطعم بالعاج والصدف، كما انتشر بها “الإيوان” الذى يقابل “التختبوش” بمنازل القاهرة، ويطل الإيوان على الشارع أو الفناء، أما الأحجبة فقد وجد حجاب واحد فى منزل “الأمصيلى” وهو المثال الوحيد للأحجبة بعمائر رشيد، وينقسم إلى ثلاثة أقسام يعلو كل منها عقد مدبب وترتكن على عمودين رخاميين، وسد هذا الحجاب بالخرط الصهريجى والميمونى، والباب من الحشوات الخشبية، وتمثل كل هذه المواصفات السابقة قيمة تراثية وتاريخية لهذه المنازل تستحق التوثيق فى قائمة التراث العالمى باليونسكو
إشادة ” بحراوية “
ومن جانبهم أشاد أهالى مدينة رشيد بما يتم من مشروعات تنوعت بين مناطق سكنية وخدمية وتجارية، وأثنوا على جودة الأعمال الإنشائية المنفذة والتي من شأنها توفير حياة كريمة لملايين من المواطنين، مؤكدين أن وضع مدينة رشيد على خريطة السياحة العالمية حلم كل مواطن بحراوى .
ويقول على نصر ـ أحد أبناء رشيد ـ أن الانتهاء من تطوير مدينة رشيد ووضعها على خريطة السياحة العالمية يعد حلم جميع أبناء مدينة رشيد، مشيرا إلى أن ميناء رشيد يعد من أهم المشروعات الاقتصادية بمصر، وسوف يضع محافظة البحيرة ضمن أهم المناطق بالشرق الأوسط، لافتا إلى أن مردود هذا المشروع سيعزز الإنتاج المحلى من الأسماك وصولا إلى الاكتفاء الذاتى وخفض الأسعار، بخلاف ما سيتم من التصدير مما سوف يسهم فى توفير العملة الأجنبية .
ويؤكد حسام الطنيخى ـ موظف ـ أن ما يتم من تطوير فى مدينة رشيد سيكون انطلاقة لتطوير محافظة البحيرة وتنميتها وجعلها قبلة للسياحة العالمية، بالإضافة إلى انتعاش الحركة الاقتصادية، مشيرا إلى أن ميناء رشيد سيكون له مردود اقتصادى كبير، كما سيسهم فى خلق فرص عمل للشباب من خلال العنصر البشرى وتحويله إلى طاقة إنتاجية، مؤكدا أن وضع رشيد على خريطة السياحة العالمية هو حلم وتحقق فى عهد الرئيس السيسى .