مصر 2030

«حياة كريمة» وتنمية الصعيد.. «شعراوي» يستعرض جهود التنمية في عهد السيسي

عرض اللواء محمود شعراوي، وزير التنمية المحلية، تجربة وجهود الدولة في تنفيذ مشروعات المبادرة الرئاسية «حياة كريمة» وبرنامج التنمية المحلية بصعيد مصر، وذلك خلال مشاركته بالنسخة الحادية عشر للمنتدي الحضري العالمي المنعقد في بولندا.

وترأس الوزير، ندوة خلال المنتدى حظيت باهتمام واسع تحت عنوان «توطين أهداف التنمية المستدامة على المستوى المحلي في المناطق المتأخرة ضمن السياق المصري – مبادرة «حياة كريمة» وبرنامج التنمية المحلية في صعيد مصر كنموذج»، وذلك بالتعاون بين البنك الدولي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومنظمة الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية.

تحدث فيها إلى جانب وزير التنمية المحلية كلا من الدكتور محمد ندا خبير التنمية الحضرية بالبنك الدولي والدكتور هشام الهلباوي مساعد وزير التنمية المحلية ومدير برنامج التنمية المحلية بصعيد مصر والدكتور ولاء جاد الكريم مدير الوحدة المركزية لمبادرة حياة كريمة وأدار الندوة الدكتور خالد عبدالحليم مدير برنامج دعم وزارة التنمية المحلية ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وحظيت الندوة بحضور واسع من ممثلي المنظمات الدولية والهيئات المشاركة في المنتدي الحضري العالمي وممثلي الوزارات والهيئات المصرية المشاركة والبعثات الدبلوماسية.

وتحدث «شعراوي»، عن الإطار السياساتي والاستراتيجي الذي يحكم جهود التنمية الحضرية في مصر خلال السنوات الثماني الماضية والأهمية التي تمثلها المبادرة والبرنامج، اللذان يحظيان باهتمام ودعم القيادة السياسية، مؤكد أن القيادة السياسية والحكومة المصرية تولي اهتماما كبيرا بالمنتدي الحضري والذي ستعقد نسخته المقبلة في مصر، وأيضا لما يمثله المنتدي من قيمة مضافة لجهود تعافي العالم من جائحة فيروس كورونا وتنامي الإدارك لمخاطر قضية تغير المناخ ومتطلبات مواجهتها من خلال تبني انماط التنمية المستدامة منخفضة الانبعاثات القادرة على التكيف.

وأعرب عن طموح مصر في أن تنجح من خلال استضافتها للقمة 27 للمناخ بمدينة شرم الشيخ نوفمبر القادم في ترجمة هذا الإدراك العالمي إلى خطط عمل تشاركية قائمة على التعاون بين الحكومات والشعوب والمنظمات الدولية من أجل وقف هذا الخطر الذي يهدد الإنسانية ومستقبل الأجيال القادمة.

واستعرض وزير التنمية المحلية، الاطار العام للتجربة التنموية في مصر من 2014 حتى الآن، مشيرًا إلى مصادفة تزامن المنتدي مع احتفال المصريين بالعيد التاسع لثورة تصحيح المسار في 30 يونيو 2013، والتي أعطت بعدها الدولة المصرية الأولوية للتنمية الشاملة والمستدامة، وبدأت بتبني برنامج اصلاح إقتصادي هيكلي حاز على ثقة المؤسسات الدولية، وساهم في ترسيخ أساس قوي لاقتصاد تنافسي ومتنوع وخلق بيئة جاذبة للاستثمار وممكنة للقطاع الخاص، وإنشاء بنية أساسية متطورة وشبكات نقل ولوجيستيات عملاقة، والإستثمار في الطاقة النظيفة والمتجددة لتصبح مكونا مهما واساسيا في مزيج الطاقة، فضلا عن إنشاء مدن ومجتمعات جديدة وصلت إلى 42 مدينة تلتزم بمعايير التخطيط المستدام والتعامل المتكامل مع قضية ضبط وحوكمة منظومة العمران في مصر، بالإضافة إلى تبني برامج متنوعة تستهدف بناء الإنسان المصري من خلال منظومة للتأمين الصحي الشامل، مبادرات للقضاء على الأمراض السارية، استثمارات كبيرة في التعليم ما قبل الجامعي والجامعي، ومشروعات تستهدف تحقيق العدالة الجغرافية والاجتماعية لعل ابرزها تطوير المناطق العشوائية وتطوير الريف المصري وتنمية المحافظات المتاخرة تنمويا.

واكد «شعراوي»، على أن تحركات وجهود الدولة المصرية في التنمية كانت محكومة بإطار من السياسات العامة والاستراتيجيات القومية المستجيبة للنمو الحضري المستدام كإستراتيجية تنمية المناطق المتاخرة تنمويا، واستراتيجية التنمية المستدامة لمصر 2030، والإستراتيجية الوطنية لتغير المناخ 2050، والإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان 2026، بالإضافة إلى الأجندة الحضرية الجديدة، منوها إلى أن «حياة كريمة»، التي تحظي بدعم ورعاية وإشراف القيادة السياسية ورئيس مجلس الوزراء وتتشارك في تنفيذها كافة الوزارات والهيئات ومنظمات المجتمع المدني ومؤسسات القطاع الخاص، تعد أكبر مشروع تنموي في تاريخ مصر حيث يستفيد منها 58 مليون مصري، وتستهدف احداث نقلة نوعية غير مسبوقة في حياة الريفيين، من خلال ضخ استثمارات تقدر بحوالي تريليون جنيه لتنمية أكثر من 4500 قرية بشكل شامل يتضمن كافة خدمات البنية الاساسية ومرافق التنمية الاجتماعية وتطوير منظومة الخدمات الحكومية والاهتمام بتدريب وتاهيل الكوادر البشرية المحلية لتحقيق الاستدامة والاستمرارية والاهتمام بمد مظلة الحماية الاجتماعية للفئات الاولي بالرعاية، بالإضافة إلى توفير فرص كبيرة للنمو الاقتصادي وزيادة الدخل ودعم الميزات التنافسية والتكتلات والحرف التراثية والانشطة الانتاجية المختلفة، وهو ما يساهم في خلق ملايين فرص العمل الدائمة والمؤقتة للشباب والنساء.

وفيما يتعلق ببرنامج تنمية الصعيد أشار الوزير إلى أنه يأتي في إطار الإهتمام بالتوازن الاقليمي والتنمية المكانية، ويستهدف إحداث تطوير شامل في المناطق والأقاليم التي تخرج منها موجات الهجرة العشوائية إلى العاصمة والمراكز الحضرية الكبرى، وتحويلها لمناطق جذب تتوفر بها فرص للحياة الجيدة والكريمة، حيث نجح البرنامج في تحسين مؤشرات جودة الحياة وتعزيز تنافسية محافظتي سوهاج وقنا بصورة غير مسبوقة، وأنتج حزمة من الممارسات الجيدة في الإدارة المحلية وجهت القيادة السياسية بتعميمها على باقي المحافظات

وشدد على أن وزارة التنمية المحلية تلعب دورا محوريا في التنسيق بين المستوى المركزي والمحلي، بالإضافة إلى دورها في الدعم الفني والإشراف والتوجيه على المحافظات ووحدات الإدارة المحلية لهدف تحقيق التنمية المحلية المتكاملة والمستدامة من خلال تنظيم عمليات البناء وإزالة التعديات والمخالفات ودعم التنمية الحضرية المستدامة وإدارة منظومات التعامل مع التحديات التنموية والبيئية بالوحدات المحلية كمنظومة ادارة المخلفات ومنظومة النقل ومنظومة الخدمات المحلية، فضلا عن بناء إدارة محلية فعالة من خلال تطبيق النظم والممارسات المتطورة والجيدة في الإدارة المحلية سواء في عمليات التخطيط أو تنفيذ المشروعات أو تطبيق الاعتبارات البيئية ومعايير الاستدامة، وكذلك من خلال الإهتمام بالتدريب وبناء القدرات وصولا لحوكمة الإدارة المحلية بشكل شامل.

واختتم وزير التنمية المحلية كلمته بالإشارة إلى مبادرة المدن المصرية المستدتمة 2021-2023 التي يتم تنفيذها بالتعاون بين الوزارة ومنظمة الامم المتحدة للمستوطنات البشرية والبنك الدولي وعدد من الشركاء الأخرين تهدف إلى «وضع رؤية وتصور عام لانتقال المدن المصرية القائمة من وضعها الحالي إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة والاجندة الحضرية الجديدة، وتحديد البرامج التنموية والاستثمارات الخضراء ذات الأولوية بالمدن المصرية القائمة»، وتتضمن إعداد تقرير «أطلس المدن المصرية القائمة من منظور الاستدامة»، وإعداد تقرير تشخيصي مفصل يحدد القيود الرئيسية لاستدامة المدن في مصر، وطرح رؤية إستراتيجية وخارطة طريق لتحقيق التنمية المستدامة للمدن المصرية تمهيدا لتصميم وتمويل وتنفيذ برامج التنمية المستدامة في المدن المصرية.

وتحدث الدكتور هشام الهلباوي مساعد وزير التنمية المحلية حول بعض نماذج وتفاصيل التجربة المصرية في التنمية الحضرية المستدامة، والمشروعات المصرية الحالية، والجهود المتكاملة على المستويين الوطني والمحلي، وكذلك التنمية الحضرية والريفية ومن بينها برنامج التنمية المحلية بصعيد مصر والذي يطبق بمحافظتي قنا وسوهاج وكذا مبادرة حياة كريمة، كمثال لإلقاء الضوء على التجربة المصرية لدفع الإصلاحات الوطنية والمحلية من خلال مشروعين عملاقين متكاملين كنموذج لتنمية المجتمعات المتأخرة تنمويًا.

وأكد «الهلباوي»، أن الحكومة المصرية تخطو خطوات ثابتة تجاه تنمية المناطق المتأخرة تنمويًا من خلال استراتيجية وطنية تعتمد على تكثيف الاستثمارات الحكومية في هذه المناطق لدفع عجلة التنمية سواء على مستوى البنية الأساسية أو مقومات التنمية الاقتصادية من خلال تعزيز التنافسية وتحسين بيئة ومناخ الأعمال، مستعرضا برنامج التنمية المحلية بصعيد مصر كنموذج للتنمية المستدامة والشاملة، حيث تعكس أهداف البرنامج مفهوم التنمية الشاملة والمستدامة من تحسين المرافق والخدمات، وكذا دعم التنافسية والتنمية الاقتصادية ويعد البرنامج نموذجاً لتطبيق اللامركزية وتطوير أداء الإدارة المحلية.

وأكد أن نتائج البرنامج سواء من خلال مشروعات البنية التحتية التي تصل إلى 4119 مشروع بإجمالي استثمارات 15.2 مليار جنيه، أو الإصلاحات الهيكلية والمؤسسية تعكس الرؤية السياسية والاستراتيجية التي تنتهجها الحكومة المصرية في تعزيز التنافسية المحافظات المتأخرة تنموياً من خلال تطوير البنية التحتية، وتحسين بيئة الأعمال ودعم القطاع الخاص، وكذا تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين من تطوير نظم عمل الإدارة المحلية وكذا خلق دور فاعل للمحافظات في إدارة التنمية بمفهومها الشامل.

واستعرض مساعد الوزير، عدد من نماذج المشروعات التي تم تنفيذها في محافظتي سوهاج وقنا في مختلف القطاعات (الصرف الصحي، مياه الشرب، النقل والطرق) وكذا نتائج التدخلات لدعم التنمية الاقتصادية المحلية سواء من خلال التكتلات الاقتصادية، التنمية الصناعية، أو تحسين بيئة الأعمال، كما ركز على مخرجات برنامج التنمية المحلية بصعيد مصر فيما يخص التنمية العمرانية اتساقاً مع محتوي المنتدى الحضري العالمي في نسخته الحادية عشر، حيث انتهج البرنامج نهجاً غير مسبوقاً في هذا المجال من خلال دعم التنمية الحضرية وتبنى مدخل يربط التنمية العمرانية للمدن بالتنمية السياحية وبالتكتلات الانتاجية للحرف التقليدية والمنتجات المميزة للبيئة المحلية.

وفي ختام كلمته، أكد أن نتائج البرنامج جميعها تأتي كنموذج لتوطين أهداف التنمية المستدامة، الأمر الذي كلل بإدراج البرنامج على منصات الأمم المتحدة كأحد أهم الممارسات التنموية. واستعرض الدكتور محمد ندا خبير التنمية الحضرية بالبنك الدولي، الجوانب التي تميز برنامج تنمية الصعيد واهمها إعتماده على أسلوب التمويل مقابل النتائج، وهو ما يضمن إحداث تطوير مستدام في قدرات الإدارة المحلية واداءاتها التخطيطية والتنفيذية والتعاقدية وإلتزامها بتطبيق المعايير البيئية الاجتماعية وقواعد الحوكمة، مشيرا إلى أن استثمارات البرنامج تشمل مكونا إقتصاديا يركز على تطوير المناطق الصناعية ودعم التكتلات الاقتصادية ذات الميزة النسبية وتحسين الخدمات الموجهة للاعمال والمواطنين، بالاضافة إلى مكون البنية الاساسية الذي يساهم في تعزيز دور المحافظات لتحسين خدمات البنية الاساسية وتقديمها بشكل عالي الجودة، على أن يتم ذلك بنهج تخطيطي تشاركي يضمن ماسسة مشاركة المواطنين في عمليات التخطيط والتنفيذ.

وأشار «ندا»، إلى أن برنامج تنمية الصعيد بما انتجه من ممارسات مطورة في الادارة المحلية ونظم تخطيط عادلة مستندة إلى مؤشرات تنموية واضحة، واهتمامه بتنمية الموارد الذاتية للمحافظات وبناء نموذج قابل للتكرار في هذا الشأن، فإنه يعد برنامجا رائدا يدفع البنك للاسترشاد به في البرامج الأخرى الشبيه سواء على المستوى المحلي أو المستوي القومي.

وقدم الشكر الكبير لوزير التنمية المحلية على دعمه ورعايته وقيادته للبرنامج خلال الفترة من 2018 حتى الآن وهي الفترة التي شهدت طفرة غير مسبوقة في معدلات الأداء وحجم الإنجاز، وساهمت في تبني القيادة السياسية والحكومة لمخرجات البرنامج وممارساته الجيدة والتوجيه نحو تعميمها على باقي المحافظات، معرباً عن تطلع البنك وحرضه على تقديم أي دعم فني مطلوب في مرحلة التعميم.

ومن جانبه، تناول الدكتور ولاء جاد الكريم، مدير الوحدة المركزية لمبادرة حياة كريمة الجوانب التنفيذية والمؤسساتية لمبادرة حياة كريمة، مشيرا إلى أنها تشمل حزمة من الاستثمارات والمشروعات المخططة والمتكاملة يتم تنفيذها في كل قرية مصرية وفقا للمعايير التخطيطية وبما يلبي احتيجات المواطنين الذين يشاركون بشكل مؤسسي في مراحل التخطيط والتنفيذ.

وكشف «جاد الكريم»، عن أن المبادرة استهدفت في مرحلتها التمهيدية العمل على مستوى التجمعات الريفية الاكثر فقرا وحرمانا، لتنطلق خلال المرحلة الجديدةبتوجيه من القيادة السياسية نحو استخداف الريف المصري بالكامل من خلال برنامج طموح ينفذ على ثلاث مراحل ويعمل من خلال استهداف المراكز الادارية بوصفها الطار الاشمل الذي يضم كافة قريى الريف، مشيرا إلى أن المرحلة الأولي للبرنامج تستهدف 52 مركز تضم 1477 قرية في 20 محافظة، حيث يتم اختيار أولوية العمل بالمراكز وفقا لترتيبها حسب درجة الاحتياج التنموي، وهو مؤشر مجمع يأخذ في اعتباره مجموعة من المؤشرات الفرعية كمعدلات الفقر، ومعدلات الأمية، ومستوى التغطية بالخدمات الأساسية ونسب الأسر التي تعولها نساء، ومدى تركز القرى التي تحتاج لاهتمام خاص بسبب تصديرها للمهاجرين غير الشرعيين أو بسبب ما تشهده من بعض الاحتقانات الاجتماعية الناتجة عن غياب التنمية.

وخلال تنظيمه وادارته للحوار بين المنصة والمشاركين، أكد الدكتور خالد عبدالحليم على مجموعة من النقاط الهامة التي خلص اليها هذه الندوة لعل أهمها التأكيد على أن الإرادة السياسية المتوفرة هي السبب الرئيسي وراء نجاح برامج ومشروعات التنمية المستدامة في مصر، فضلا عن التكامل بين التخطيط الريفي والحضري من خلال التوازن في ادوار ومسئوليات الجهات المشاركة في ذلك والمتمثلة في وزارة التنمية المحلية ووزارة الاسكان والمرافق والتنمية العمرانية وصندوق التطوير الحضري التابع لمجلس الوزراء، مشددا

على ما خلصت إليه المناقشات من توفر ضمانات الشفافية والحوكمة كشرط لازم وضروري ساهم في نجاح المشروعات التنموية المصرية ومهد لتحقيق حزمة واسعة من الاهداف الاممية للتنمية المستدامة، فضلا عن نتائج الإستثمار في العنصر البشري وتطوير النظم والممارسات المحلية الذي قادته وزارة التنمية المحلية خلال السنوات الماضية بدعم كامل من القيادة السياسية والحكومة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى