خبير آثار يرصد معالم الزي المصري القديم وجمالياته في السينما العالمية
أكد خبير الآثار الدكتور عبدالرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار أن البشر عرف الملابس لحماية نفسه من الحرارة والشمس والمطر والبرد ثم أبدع فى زخرفته وتشكيله حتى وصل إلى موديلات متنوعة عكست ثقافات الشعوب في فترات زمنية مختلفة وفي أماكن مختلفة، واستخدمت جلود الحيوانات والنباتات استخدامًا أساسيًا كثياب لتغطية أجسادهم وقد حرص المصرى القديم على ارتداء الزى الذى يحمى جسده من برد الشتاء مع تغطية الرأس وارتداء الأحذية المتنوعة مع الحرص على الملابس الكتانية والقطنية الملائمة لظروف الطقس علاوة على أنها ملابس صحية.
وأضاف الدكتور ريحان أن المصريون في عصور ما قبل التاريخ كانوا يرتدون الجلود كملابس لهم، وفي عصر الدولة القديمة لبس الكهنة جلد الفهد كزي رسمي لهم ومعه نقبة (تنورة مفتوحة) من منطقة الحزام إلى أسفل، وكانت النقبة هي الزي المصري المميز الذي كانت تجري عليه تغييرات طفيفة على مر العصور أو بين النساء والرجال في مختلف الأعمار، وعرف القراب وهو كيس ستر العورة منذ عصور ما قبل التاريخ وكان يصنع من الجلد، والنقبة الذى تطور عن القراب وهو قماش ملفوف حول الخاصرة على شكل تنورة مفتوحة تختلف من حيث القصر والطول والشكل والاتساع والثنايا والخرز والدلايات التي فيها، والمئزر نقبة متطورة طويلة تلبس في الشتاء والقميص لباس الصدر والبطن ويكون مفتوحًا من الأمام والحزام قماشة تتحلى بمشبك وتزخرف مع الثنايا التي فيها.
وأشار الدكتور ريحان إلى أنواع الزى المصرى القديم والذى يشمل النمس وهو غطاء الرأس الملكي وكان في البداية قطعة من الكتان تجمع معًا خلف الرأس، وابتداءً من الأسرة الثالثة مع الملك نترجت أو زوسر ابتدأ الملوك بارتدائه فوق الباروكة وأصبحت له ضفائر مطوية، وكان شريط النمس يُضغط بقوة فوق الحاجبين ويربط بقوة تحت الضفيرة النازلة على الظهر ، وكان ملوك ونبلاء الدولة الوسطى يرتدون المئزر وهو رداء نصف مضفور يلف حول البدن (عكس عقرب الساعة) ويشد الجزء المضفور إلى الأمام وظهر الرداء الطويل ابتداءً من الدولة الحديثة وهو مكون من قطعة قماش بطول يساوي ضعف طول الشخص من الكتف إلى الأرض وعرضها من اليد إلى اليد وكان قماشها شغافًا ومنقوشًا (وهي أشبه بالدشداشة الشفافة)، وكان زي الكهنة مع بدء الدولة القديمة مقتصرًا على الكتان ومنع الصوف والجلد لأن مصدره من الحيوان .
ونوه الدكتور ريحان إلى اهتمام المرأة فى مصر القديمة بأناقة ملابسها فجاءت ملابس نساء الطبقات الوسطى بسيطة لكن مقبولة، بعكس النساء من أفراد الأسرة المالكة والنبلاء والعظماء والكهان واللائي كن يرتدين الملابس الشفافة الخفيفة المطرزة أوالمزركشة المحلاة بالألوان الزاهية وكانت ملابس النساء عامة تتكون من الجونلة (المجول) وهى قطعة مستقيمة من القماش تثبت بشريط يدور حول الوسط ثم يتدلى طرفها إلى الأمام حتى أسفل الركبة، ويلبس معه عادة غطاء للأكتاف.
وكانت الجونلة للرجال أيضًا كما ارتدت النساء الصديري وهو رداء ضيق وسطه عالي ويصل إلى القدم وله لون واحد وفي الحفلات يطرز بالزخارف ويزين بالخرز الملون والرداء وهو قطعة قماش بعرض طول الشخص مرتين وهناك ما هو ضيق يبدأ من الثديين حتى الرسخين وله حمالتان، ومنذ الأسرة الثامنة عشرة تبدل زي النساء إلى قطعتين هما القميص الضيق الذي يغطي الكتف الأيسر ويبقي الكتف الأيمن عاريًا وله رداء خارجي ثم تطور الرداء وأصبح يسدل فوق الذراع الأيسر بينما الذراع الأيمن بقي عرايًا، وهناك رداء خارجي مفتوح وهناك الثوب الطويل بأكمام والمعطف القصير المزخرف بأهداب فوق الأكتاف ومن الأمام ينسدل الرداء الذي يشبه النقبة ويمتد من الرقبة إلى القدمين ولم تكن ملابس الخادمات مختلفة عن ملابس السيدات وأحيانًا يتميزن بقميص مقفل لحد الرقبة وذي أكمام قصيرة وكذلك نقبة صغيرة عند العمل.
ولفت الدكتور ريحان إلى أن الكتان هو القماش الأكثر شيوعًا في مصر القديمة وبالرغم من معرفة المصريون أنواعًا أخرى من الأقمشة إلّا أنهم فضّلوا استخدام الملابس الكتانية لوفرته بسبب المناخ الجيد ولوجود مصدر قوي للمياه من نهر النيل. وكان السبب وراء الانتشار الواسع للكتان في مصر القديمة استخراجه من نبات؛ لاعتقاد المصريون القدماء أن الأقمشة التي مصدرها حيواني نجسة مثل الصوف.
كما ارتدى الرجال في مصر القديمة الإزار في كثير من الأحيان وكان شائعًا بين جميع الطبقات حيث يرتدي الرجال من الطبقة العليا إزاررًا طويلًا، ويلبس معها في كثير من الأحيان الحرملة (وهو رداء قصير واسع يوضع على الكتف ويغطي الظهر والصدر) أو سترة، بينما يلبس الفقراء الإزار فقط .
فترة الأسرات المبكرة والدولة القديمة
ويوضح الدكتور ريحان أن الرسومات من فترة الأسرات المبكرة في مصر (حوالي 3150 – 2613 قبل الميلاد) تظهر رجال ونساء من الطبقة الدنيا يرتدون نفس نوع الفستان وهى تنورة بطول الركبة من المحتمل أن تكون بيضاء أو فاتحة اللون مصنوعة من القطن أو الكتان ويتم تثبيته حول الخصر بحزام من القماش أو حبل البردي أو الجلد، ويرتدى المصريون من الطبقة العليا في نفس الفترة الزمنية نفس الزي فقط مع مزيد من الزخرفة وفقط من خلال مجوهراتهم يمكن تمييز الرجال من الطبقة الغنية عن المزارعين والحرفيين.
الفترة الانتقالية الأولى والدولة الوسطى
وينوه الدكتور ريحان إلى الأزياء في الفترة الانتقالية الأولى من مصر (2181-2055 قبل الميلاد) مع انهيار الدولة المصرية القديمة حيث حدثت تغييرات جذرية في الثقافة المصرية ولكن بقيت الأزياء نسبيًا كما هى وفي المملكة المصرية الوسطى (2055-1650 قبل الميلاد) تغيرت الموضة حيث بدأت النساء في ارتداء العباءات القطنية الطويلة وتصفيفات الشعر المختلفة، وفي عصر الدولة القديمة والفترة الانتقالية الأولى تم تصوير النساء بطول شعر أسفل أذنيهن بينما في المملكة الوسطى كان شعرهن على أكتافهن، ويختلف ثوب الدولة الوسطى للطبقة العليا أيضًا في أن الملابس كانت غالبًا مصنوعة من القطن وغالبًا ما تكون ذات أكمام مع خط رقبة متدلي مزين بقلادة في الحلق وصنعت هذه الفساتين من قطعة قماش واحدة تلفها المرأة مع حزام حول الخصر يمكنها أن تلبس الجزء العلوي منه، واستمر الرجال في هذا الوقت في ارتداء النقبة البسيطة فقط مع الطيات في المقدمة.
الدولة الحديثة
ويشير الدكتور ريحان إلى عصر الدولة الوسطى حيث دخلت مصر الفترة الانتقالية الثانية (1650-1550 قبل الميلاد) من حكم الهكسوس واحتفظ النوبيون بالحدود الجنوبية للصعيد، ولم يساهم الهكسوس في الموضة لإعجابهم بالثقافة المصرية وتقليد المعتقدات والسلوك والزى المصري في مدنهم في شمال الدلتا، وبعد طرد الهكسوس عام 1550 قبل الميلاد على يد الملك أحمس الأول بدأت فترة الدولة المصرية الحديثة ( 1550-1077 قبل الميلاد) والتي شهدت أعظم التطورات في الموضة في تاريخ مصر وهى أنماط الموضة التي يتم تصويرها غالبًا في الأفلام والبرامج التلفزيونية التي تتناول مصر بغض النظر عن الفترة الزمنية التي يتم تحديدها فيها.
وتجسدت هذه الموضة فى صور أحمس نفرتاري زوجة أحمس الأول في فستان بأكمام مجنحة وياقة عريضة تقع فوق كاحليها ” الكاحل هو المفصل الذي يصل القدم بالساق”
وكان الجنود والحراس وقوات الشرطة يرتدون النقبة البسيطة مع الصنادل وأحيانًا حراس المعصم وتم تصوير المزارعين ومصنعي الجعة وحراس الحانات والبنائين والعمال والتجار بشكل موحد من هذه الفترة في نفس النقبة البسيطة ذكورًا وإناثًا ، على الرغم من أن التاجر يظهر أحيانًا في رداء أو عباءة. كانت المعاطف والسترات والعباءات شائعة عبر تاريخ مصر للحماية من البرد