معابد النوبة الصخرية تعاني من ضعف التسويق.. وخبراء: يجب وضعها على البرنامج السياحي
تعد محافظة أسوان ثاني محافظات مصر بعد الأقصر ثراءً بالآثار والمعابد الفرعونية والمزارات السياحية، إلا أن بعض هذه الكنوز التي لا تقدر بثمن ومنها معبدا كلابشة وإيزيس والمعابد النوبية الصخرية علی ضفاف بحيرة ناصر تعاني من ضعف التسويق والدعاية والترويج، وصعوبة الوصول إليها، بالإضافة إلی تعقيد إجراءات زيارتها عبر البحيرة.
عدد من المعنيين بالشأن السياحي في أسوان طالبوا بوضع هذه المزارات في البرامج السياحية بشكل أساسي مع ضرورة تسهيل الإجراءات الخاصة برحلتي الدهبيات والفنادق العائمة العاملة بين أسوان ومدينة أبو سمبل السياحية، من خلال إنشاء مرسی خاص لها بعيدا عن ميناء السد العالي شرق المخصص لنقل البضائع والركاب بينه وبين ميناء وادي حلفا بالسودان الشقيق، وذلك من أجل رفع معدلات عدد الليالي السياحية بالتوازي مع التنمية التي تشهدها بحيرة ناصر لتهيئة الأجواء المناسبة لسياحتي الصيد ومراقبة الطيور .
تحديث البرامج السياحية في أسوان
قال خيرى محمد علي رئيس غرفة وكلاء شركات السياحة والسفر بأسوان إن المحافظة تزخر بالعديد من المناطق الأثرية الهامة التي تعد مقصدا لكافة السائحين من بلدان العالم ، خاصة وأن معابد أسوان تحديدا شاهدة علی حقائق تاريخية وإنسانية من آلاف السنين دونا عن أي مكان آخر ، الأمر الذي يثير دهشة وإعجاب كل من زارها، ورغم ذلك يظل استغلال ترويج بعض هذه المزارات ليس علی المستوى الأمثل الذي يتناسب مع أهميتها التاريخية بين مزارات العالم ، فمثلا نجد أن الخريطة السياحية بمحافظة أسوان مقتصرة فقط على مناطق محددة لم تشهد تغير منذ سنوات.
وتقتصر جولة السائح على زيارة معابد فيلة وأبو سمبل وكوم أمبو وإدفو فقط ، مما يتطلب المزيد من الاهتمام بتسويق هذه المزارات ، خاصة المعابد الصخرية النوبية مع ربطها بزيارة معبد أبو سمبل عبر رحلات نهرية في بحيرة ناصر ، وكذا مقابر النبلاء ومتحف إلفنتين.
وقال المرشد السياحي سعيد عبد القادر إن شركات السياحة تغفل إدراج بعض المناطق الهامة فى أسوان التي تذخر بالعديد من الآثار المهملة والمطلوب وضعها على خارطة برامج الزيارات السياحية ، ومن هذه الكنوز الأثرية المهملة مثلا “مقياس النيل” في جزيرة إلفنتين، ومقياسان أخران للنيل أحدهما في “معبد خُنوم” والآخر في “معبد ساتيت”، والأول على شكل “حوض مربع” ،بينما الثاني ذو “طراز معماري” تقليدي على شكل بيت ذي سلم منحدر إلى نهر النيل مع وجود فتحات في الجدار لقياس المنسوب باستمرار .
وتحدث المرشد السياحي عن معبد كلابشة الذي يقع في بحيرة ناصر قائلا : إن هذا المعبد يحتاج لإجراءات معينة لزيارته بسبب تواجده في قلب البحيرة، ورغم أن هناك إقبال عليه من السائحين إلا إنه يمكن تسهيل إجراءات زيارته وإنشاء مرسی خاص به من الناحية الغربية بعيدا عن ميناء الصيد .
المعابد النوبية تبحث عن السائحين
أكد محمد صبري سرور مدير إحدى الشركات السياحية بأسوان وجود مزارات سياحية وأثرية رائعة ولكنها وللأسف تعاني من ضعف الإقبال عليها من السائحين لأسباب متعددة، منها ضيق وقت السائح وصعوبة الوصول إليها أو لعدم وجود الترويج الكافي في الخارج، من خلال الشركات العالمية التي تبيع للسائح برنامجا محددا “ليلتين” فقط في أسوان.
ومن هذه المزارات متحف النوبة نفسه، ورغم روعته وأهميته ولكنه غير موجود على معظم البرامج السياحية، وكذا معبد “إيزيس” الذى تم افتتاحه العام الماضي وهو في قلب المدينة ولا توجد فى الطرق أي لافتات تشير إليه علی الإطلاق.
ووصف سرور المعابد الصخرية النوبة القديمة التي تم إنقاذها وإعادة بنائها بأنها ورغم أهميتها التاريخية فهی ضعيفة سياحيا، اللهم إلا من خلال رحلات البواخر السياحية والدهبيات التى تعمل بين السد العالي وأبو سمبل وعددها لا يتجاوز 4 دهبيات و7 فنادق عائمة لا تعمل جميعا.
وقال لابد من تخصيص مرسی محدد لها بعيدا عن ميناء السد العالي شرق يكون مرسی سياحي لهذه الرحلات مع اتخاذ كافة الضوابط والاشتراطات التي لا تتعارض مع وضع بحيرة ناصر الإستراتيجي.
سبب تسمية معابد النوبة بـ”الصخرية”
ويوضح الأثري أحمد حسن عبد الماجد بأن المعابد الصخرية سُميت بهذا الاسم لأنها منحوتة في الصخر وهی تبعد عن مدينة أسوان بحوالى 240 كيلو مترا، حيث تم إنقاذها من الغرق أثناء بناء السد العالي بواسطة حملة اليونسكو الدولية.
ويضيف قائلا أن المعابد الصخرية مقسمة إلى مجموعتين ، المجموعة الأولی هی مجموعة السبوع وتتكون من معبد السبوع الذي بناه حاكم النوبة “ستاو” للملك رمسيس الثاني ، ومعبد الدكة الذي بناه الملك النوبي “أركماني” وأسهم فيه كل من “بطليموس الرابع والسابع “والإمبراطور “أغسطس”، ومعبد المحرقة الذي بُني في عهد الإمبراطور الروماني “أغسطس” .
أما المجموعة الثانية فهي مجموعة “عمدا” وتتكون من معبد عمدا وهو أقدم هذه المعابد إذ أنه بُني في القرن السادس عشر قبل الميلاد، ومعبد الدر الذي بناه الملك رمسيس الثاني وكرسه لعبادة الإلهين آمون رع ،ورع حور أختي ، ومقبرة بنوت ، و قصر أبريم الذي كان يقع على الضفة الشرقية وتوجد به حاليًا أطلال وبقايا أقدم كاتدرائية في النوبة .
ويضيف عبد الماجد قائلا : رغم أن أثار المنطقة تتميز بالتنوع الفريد في العمارة بما تضم من مجموعة متنوعة ما بين معابد ومقصورات ومقابر شاهدة علي التنوع الزمني الذي يغطي فترة تاريخية طويلة تمتد من الأسرة الثامنة عشر وحتى العصر المسيحي ، يبقي السؤال قائما لماذا لا يتم إدراج هذه المزارات هذه المعابد ضمن البرامج السياحية بشكل موسع ؟
معبد إيزيس ..ومقبرة آغاخان
في الوقت الذي شهدت فيه أسوان منذ شهور افتتاح معبد إيزيس بقلب المدينة ، وذلك بعد الانتهاء من مشروع ترميمه وتطوير ورفع كفاءة خدماته السياحية ، إلا أن المعبد لا يلقی إقبالا من الشركات السياحية بسبب ضيق وقت الأفواج ، لينضم المعبد بذلك إلی مقبرة آغاخان الشهيرة والمغلقة بفرمان من عائلة “الآغاخان” باعتبارها ملكية خاصة للعائلة، كما أن ممارسات الرحلات الداخلية وعدم احترام قدسية الموت قد دفعتها لإتخاذ القرار منذ سنوات طويلة ، علی الرغم من أنها كانت من أشهر المعالم السياحية بالمدينة .
خطة لتطوير المعابد النوبية
كان الدكتور عبد المنعم سعيد مدير آثار أسوان والنوبة قد أكد من قبل أن هناك خطة من قبل وزارة الآثار سيتم تنفيذها على عدة مراحل من أجل تطوير المعابد النوبية وتأهيلها للزيارة ضمن البرامج السياحية ، حيث تستهدف المرحلة الأولى من الخطة إقامة استراحات للعاملين وإمدادها بمرافق المياه والكهرباء لتتيح لهم الإقامة والإشراف على العمل اليومي بالمعبد ، كما تستهدف نفس المرحلة إنارة المعابد بخلايا الطاقة الشمسية وبناء أسوار شاهقة تحيط بها لمنع زحف الرمال نحوها ، في حين تستهدف المرحلة الثانية من الخطة إعادة تأهيل كافة الطرق المؤدية للمعابد وتمهيدها للزائرين ، لافتا إلی أن أغلب الزيارات التي تأتى للمعابد تكون من خلال رحلات البحيرة .
رفع كفاءة الطرق إلى المزارات
من جانبه أشاد أشرف عطية محافظ أسوان بدور وزارة السياحة والآثار في تطوير العديد من المواقع والمتاحف الأثرية ومن بينها متحف النوبة ومعابد فيلة وأبو سمبل والمقابر الفاطمية وغيرها من المقاصد التى تتمتع بها أسوان، وقال المحافظ لـ”بوابة الأهرام ” إن المحافظة تحرص علی رفع كفاءة جميع الطرق التي تؤدي إلی المزارات والمعالم السياحية ومنها المسلة الناقصة ومعبد فيلة ومتحف النوبة ، وأضاف محافظ أسوان بأن السياحة مصدر دخل رئيسي لمصر ولأهل أسوان والدولة لا تتوانی علی الإطلاق في إتاحة الظروف المناسبة لتنميتها.
وأكد المحافظ أنه يرحب بكافة الآراء التي من شأنها أن تساهم في تنمية السياحة ورفع معدلات الليالي السياحية التي تصب في صالح الدولة والمواطن معا ، مشيرا إلی إنه تم إدراج جولة عربات الحنطور ضمن برنامج الأفواج السياحية داخل المحافظة ، كما تشكيل لجنة لتنسيق آلية محددة لتراكي اللنشات النيلية والفلوكات من أجل تأمين وتسهيل حركة دخول وخروج السائحين للمراسي المختلفة.