مخاوف من ظهور متحورات جديدة بعد ارتفاع إصابات كورونا في الصين
حذر عدد من خبراء الصحة العامة والأمراض المعدية في الولايات المتحدة من إمكانية ظهور متحورات جديدة لفيروس كورونا في العام المقبل وسط زيادة حالات الإصابة في الصين.
وقال أندرو بيكوس عالم الأحياء الدقيقة والمناعة في كلية “جونز هوبكنز بلومبرج للصحة العامة” في بالتيمور إن السلالات الفرعية لمتحور كورونا “أوميكرون” مستمرة في الانتشار عالمياً، بحسب تقرير لشبكة “سي إن إن” الأميركية.
وأضاف بيكوس: “نرى أوميكرون يفعل ما تفعله الفيروسات الأخرى، وهو أنه يعزز نفسه على طول الطريق بالطفرات التي تساعده على التهرب من القليل من المناعة التي تسببها العدوى السابقة أو التطعيم”.
وكتب باحثو مراكز السيطرة على الأمراض في متتبع البيانات الخاص بهم أن “فيروس (سارس-كوف-2) المسبب لكوفيد 19 يتحور باستمرار ويراكم الطفرات في شفرته الوراثية بمرور الوقت”، متوقعين أن “تستمر المتحورات الجديدة في الظهور”.
وذكر الخبراء أنه مع استمرار انتشار فيروس كورونا عالمياً، وخاصة في الصين بعد تخفيف بكين السريع للقيود، هناك الآن قلق بشأن الاتجاه الذي يمكن أن تسلكه اتجاهات كوفيد-19 في عام 2023 وخطر ظهور متحورات جديدة.
وأعلن مسؤولو الصحة الأميركيون، أنه اعتباراً من 5 يناير، سيُطلب من المسافرين القادمين من الصين إظهار نتيجة اختبار كوفيد-19 سلبية قبل دخول الولايات المتحدة.
وسيحتاج المسافرون إلى الولايات المتحدة من الصين إلى إجراء اختبار في مدة لا تزيد عن يومين قبل السفر وتقديم دليل على الاختبار السلبي لشركة الطيران الخاصة بهم قبل الصعود إلى الطائرة.
وقال الدكتور ويليام شافنر، الأستاذ بقسم الأمراض المعدية في المركز الطبي بجامعة فاندربيلت في ناشفيل والمدير الطبي للمؤسسة الوطنية للأمراض المعدية إن الحكومة الصينية لم تشارك الكثير من المعلومات حول التركيب الجيني للفيروسات التي تشهدها هناك.
وأضاف شافنر: “نظراً لأن الحكومة الصينية لا تفعل ذلك، كان هذا هو السبب الرئيسي وراء وضع مراكز السيطرة على الأمراض لمتطلبات السفر الجديدة هذه”.
ولفت إلى أن “شرط اختبار السفر هذا هو وسيلة لكسب بعض الوقت لنا والمساعدة في وضع حاجز بيننا وبين الصين، في حالة ظهور متحور جديد فجأة في ذلك البلد”.
وأكد أن الولايات المتحدة ستحتاج إلى “أكبر قدر ممكن من الوقت” لتحديث اللقاحات والأدوية المضادة للفيروسات للاستجابة لمتحور جديد محتمل مثير للقلق.
وقال الدكتور كارلوس ديل ريو العميد المساعد التنفيذي لكلية “إيموري” للطب ونظام جرادي الصحي في أتلانتا، إن متطلبات الاختبار الأميركية للمسافرين هدفها “كسب بعض الوقت، لكنها لن تمنع حالات كوفيد 19 الجديدة من القدوم إلى الولايات المتحدة أو ظهور متحورات جديدة”.
وعن هذه المتطلبات الجديدة قال: “صراحةً، لا أعتقد أننا سنرى فائدة كبيرة. أهم شيء نحتاجه الآن هو أننا بحاجة إلى أن يتمتع الصينيون بمزيد من الشفافية وأن يخبروننا بالضبط بما يحدث، وهذا قرار دبلوماسي إلى حد كبير. الأمر يتعلق بالدبلوماسية”.
ووصف أندرو بيكوس، عالم الأحياء الدقيقة والمناعة بكلية جونز هوبكنز بلومبرج للصحة العامة، البيانات الجينية حول فيروس كورونا في الصين والتي يمكن للجمهور الوصول إليها بأنها “حقاً ثقب أسود إلى حد ما”.
وربما أصيب ما يقرب من 250 مليون شخص في الصين بكوفيد 19 في أول 20 يوماً من ديسمبر، وفقاً لتقدير داخلي من كبار مسؤولي الصحة في البلاد، حسبما ذكرت “بلومبرغ” وفايننشال تايمز” الأسبوع الماضي.
وقال بيكوس: “بالنسبة لي ، ما يثير القلق حقاً هو العدوى المستمرة وما إذا كان ينتج عنها المزيد من المتحورات في الصين التي قد تكون مصدر قلق خاص بالنسبة لنا، واختبار الأشخاص قبل صعودهم على متن طائرة لن يجيب على هذا السؤال”.
وذكر أن “ما نحتاجه حقاً هو القيام بعمل أفضل بكثير في تعقب تسلسل الفيروسات من يأتون إلينا من الصين حتى نتمكن من المساعدة من حيث فهم أنواع المتحورات المنتشرة هناك”، مضيفاً أنه طوال فترة الجائحة، لم يكن المسؤولون الصينيون يتسمون بالشفافية الكبيرة بشأن بياناتهم حول المتحورات.
واعتبرت “سي إن إن” أن الانتشار المستمر للفيروس هو ما يمكن أن يؤدي إلى ظهور المتحورات، إذ أنه كلما انتشر الفيروس، زاد تحوره.
وأوضح بيكوس أنه “من أجل ظهور متحور ما، وهذا لا ينطبق فقط على كوفيد 19، ولكن على الإنفلونزا والعديد من الفيروسات الأخرى، الشيء الأكثر أهمية هو أنه كلما زاد عدد الحالات لديك زاد احتمال أن يبدأ الفيروس في تكديس الطفرات التي قد يكون لها القدرة على التهرب من المناعة بشكل أكثر فعالية أو نقلها بشكل أكثر فعالية”.
وتابع: “لذلك عندما يكون لديك موقف مثل ما بدأت تشهده الصين، حيث سيكون لديك الملايين من الإصابات، فإن كل واحدة من هذه الإصابات هي مجرد فرصة إضافية للفيروس لالتقاط طفرة عشوائية قد تجعله قابلاً لإصابة الناس بشكل أقوى”.
وزاد: “أدمج ذلك مع حقيقة أن الصينيين يستخدمون لقاحات أقل من الأمثل ويبدو أنهم لم يكونوا جيدين في إعطاء جرعات معززة لسكانهم مثل البلدان الأخرى، وهذا يعني أنه من المحتمل أن يكون هناك قدر أقل من المناعة لدى السكان”.
وقالت الدكتورة جيسيكا جوستمان، وهي أستاذة مشاركة في علم الأوبئة بكلية “ميلمان للصحة العامة” بجامعة كولومبيا إن إصابات كوفيد-19 في حالة “مستقرة” نسبياً في الوقت الحالي بالولايات المتحدة، لكن البلاد لا تزال تشهد حوالي 350 حالة وفاة مرتبطة بالمرض كل يوم.
وفي حين أن مستويات كوفيد-19 لا تزال أقل بكثير من مستويات الطفرات السابقة، فإن الاتجاهات آخذة في الارتفاع في أجزاء من الولايات المتحدة.
وقد قفزت حالات دخول المستشفيات الجديدة بنسبة 50% تقريباً خلال الشهر الماضي، وهناك قلق متزايد من أن أعداد الحالات قد ترتفع بعد عطلة الشتاء، وفقاً لـ”سي إن إن”.
وقالت جوستمان إنه “لتقليل خطر زيادة انتشار كوفيد-19، سيكون من المهم أن يستمر الأشخاص في العام الجديد في البقاء على اطلاع دائم باللقاحات المطلوبة”.
وأضافت: “أنا قلقة من كون الصين الآن حاضنة عملاقة لفيروس كورونا وهناك احتمال أن يكون هناك الكثير من الإصابات ومن ثم متحورات جديدة”.