الأحوال الشخصية .. «قانون ملغم» على أجندة كل برلمان
على الرغم من انعقاد أكثر من فصل تشريعي، ومناقشة تعديلات قانون الأحوال الشخصية مع كل مجلس نواب جديد، إلا أنه حتى الآن لم يخرج للنور، ويبدو أن هذا القانون والذي مر على إصداره قرابة الـ 90 عاما يواجه مصير مجهول، ليتجاهل كل المسئولين عن إقراره الآلاف من الأسر المعلق مصائرها على تعديل القانون ممن دفعتهم الخلافات إلى الطرق على أبواب محاكم الأسرة سنوات طويلة للوصول الي حلول لقضايا الرؤية، النفقة، الاستضافة .. هروب الأب او الأم بالأبناء وحرمان الطرف الأخر من رؤيتهم، او قضايا الطلاق التي بلغت لمعدلات عالمية .
مازلنا نستمع للمشاكل في محكمة الأسرة، ما بين زوج يرفض دفع نفقة لأبنائه، وزوجة تمتنع عن رؤية الأب لأبنائه.. (م.ع) إحدى الحالات التي نقابل مثلها كثيرا تتردد للمحكمة في كل مرة أملا في إنصافها من الجانب القانوني والحكم لها بنفقة لأبنائها بعد رفض الزوج لدفع النفقة، ولم ترى منه غير الإهانة والضرب، قائلة: «أنا اتبهدلت كتير من زوجي، ضربنى وحرقني بالنار، شوفت العذاب معاه، واستحملت عشان خاطر ولادي، بس اخرتها طردني في نصف الليل أنا وولادي على السلم بهدوم البيت، وطلقني، وأنا معنديش مصدر رزق عشان اصرف على ولادي، حاولت الاتفاق بشكل ودي، ولكنه رفض فاضطريت ارجع للمحكمة، بس يديني ويديكوا طولة العمر!».. والسبب القانون الذي لا يلزمه بعقوبات مشددة في سكن الزوجية ولا دفع النفقة .
أما (محمود.أ) رفع قضية رؤية لأن مطلقته ترفض مقابلته لابنه، قائلا: «همها هو الحصول على المال، ولكن بعد حصولها عليه رفضت رؤيته، بقالي 6 سنوات مشفتش ابنى ولو شافني مش هيعرفني».
وأوضح أن القانون غير منصف للزوج، كما أن الرؤية في نادي والمدة قليلة جدا، يا ريت يتم النظر في حق الرجل شوية، وأتمنى القانون الجديد يتدارك كل أزمتنا «احنا بنتعشم كل مرة» .
أسباب التأخير
النائب خالد حنفي، عضو اللجنة التشريعية في مجلس النواب، قال إن تأخير القانون له أكثر من سبب، وهناك بالفعل مجهودات من النواب وتقدموا بمشروعات كاملة لقانون الأحوال الشخصية أو التقدم بتعديلات على القانون الحالي على مادة أو أكثر.
وأضاف أن آخر تعديل لقانون الأحوال الشخصية كان في سنة 1985 باستثناء الخلع، فحتى الآن لم يتم تعديل القانون قرابة الـ35 سنة، فضلا أن القانون خرج بمرسوم ملكي سنة 1929، أي قرابة الـ100 عام، أي قرن من الزمن، مؤكدا أن القانون عفا عليه الزمن وأصبح لا يصلح للمتغيرات التي حدثت على المستوى المحلي والدولي والأسرى على مدى أكثر من 90 عاما، فهناك تغيرات سياسية واقتصادية أثرت على الأسرة المصرية بشكل عام، وبالتالي لابد من إعادة النظر في القانون مرة أخرى.
وأوضح «حنفي»، أن الأزهر الشريف مازال ينظر تعديلات القانون، وكانت آخر مرة لدراسة التعديلات منذ عدة أشهر، ومجموعة من مجلس النواب تقدموا بتعديلات لبعض مواد القانون إلا أنها لم تنظر طول مدة الفصل التشريعي، مؤكدا على ضرورة وجود آلية تضبط الأسرة المصرية من خلال آلية تشريعية مجتمعية وشرعية.
وقال، إن نسب الطلاق ضخمة جدا ونجدها تتعدى نسب الزواج، وهذا يعني وجود مشكلة في النظام الأسرى بالمجتمع، قد يكون سببها عدم توعية الزوجين قبل الزواج بحقوقهم ومسئولياتهم وواجباتهم، والأطفال هم الضحية، والتدخل التشريعي مهم ولكنه ليس كافياً، ولابد من التوازي معه بتوعية الأسرة وعمل دورات تأهيلية وتوعوية للزوجين، ومن الممكن وضع مناهج بالكليات لتأهيل الشباب والفتيات قبل الزواج.
القانون ينتظر ثلاثة آراء
وأضاف النائب نبيل الجمل باللجنة التشريعية في مجلس النواب، قائلاً قانون الأحوال الشخصية مازال قيد الدراسة وكنا ننتظر رأي الأزهر الشريف ودار الإفتاء ووزارة العدل، ولكن حتى الآن لا يوجد جديد.
الدكتورة رانيا يحيى عضو المجلس القومي للمرأة، قالت إننا في حاجة لقانون الأحوال الشخصية، خاصة بعد ارتفاع نسب الطلاق بشكل مخيف، ونحن في حاجة مُلحة لخروج القانون للنور.
وأضافت يحيى قائلة: «نطمئن كل امرأة بأن الرئيس السيسي أكد مراراً وتكرارا أنه لم ولن يوقع على قانون غير مُنصف للمرأة، وهذا يُحدث حالة من الطمأنة لكل سيدة، فنحن في عصر يحمي المرأة المصرية ويرعاها، ولن يكون هناك قانون ظالم للمرأة.
حوار مجتمعي
بسمة محمود ناشطة نسوية، أكدت أن كافة التعديلات التى تمت على قانون الأحوال الشخصية لا تلبي مطالب الأسرة، وهناك مطلب جماعى بوجود مشروع متكامل يحقق الاستقرار والأمان والطمأنينة لكل أفراد الأسرة من زوج وزوجة وأبناء، خاصة أن قانون الأحوال الشخصية صدر من أكثر من عقدين من الزمن، وبالتالي أصبح من الضروري تعديل القانون برمته وليس أجزاء منه.
وأشارت «محمود» إلى أن استقرار الأسرة المصرية غير موجودة على قائمة أولويات البرلمان المصري فإذا كان في أولوياته كان سينظر في المقام الأول لقوانين الأحوال الشخصية، والتي لم يجد من يرضى عنها.
وأضافت أنه لا يوجد حوار مجتمعي شامل لصدور القانون يناسب جميع الأطراف، ولابد من تواجد كافة الأطراف، وليس فقط أطراف مثل المجلس القومي للمرأة أو الأزهر الشريف، فلابد من وجود قانونين وأشخاص بعينها من منظمات المجتمع المدني، وخبراء نفسيين واجتماعيين، وشخصيات عامة، فضلا عن ضرورة وجود حتى لو عينة عشوائية من الآباء والأبناء والزوجات المتضررين من قانون الأحوال الشخصية .
وأكدت بسمة على أن خطة التنمية المستدامة 2030 تتحدث عن حقوق المرأة والطفل، ومازالت المرأة المصرية لم تأخذ أبسط حقوقها، حتى الآن هناك بطء في التقاضي وفي تنفيذ الأحكام، وفي صرف المستحقات المالية، قائلة: «مازالت الست المصرية تضطر للنزول للعمل عشان تقدر تأكل وتعلم ولادها، لذلك نحن في حاجة لتغيير قانون الرؤية، وقانون الحضانة بعد الطلاق، ولابد من سرعة الإجراءات وتعديل قانون الأحوال الشخصية بما يتعادل مع كل أطراف الأسرة المصرية»