مجددا صواريخ تستهدف أسمرة عقب إعلان إثيوبيا “النصر” في تيغراي
استهدفت السبت (28 تشرين الثاني/ نوفمبر 2020) صواريخ أطلقت من إقليم تيغراي في شمال إثيوبيا مجددا العاصمة الإريترية، وفق ما أعلنت عنه الخارجية الأمريكية ووكالة فرانس برس.
ووقعت “الانفجارات” التي ذكرت السفارة أنها سُجّلت “حوالي الساعة 22.13” السبت، بعد ساعات على إعلان رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد انتصار الحملة العسكرية التي أطلقها ضد الحزب الحاكم لتيغراي “جبهة تحرير شعب تيغراي”.
وأضافت الخارجية الأمريكية على تويتر أنه وفي “الساعة 10.13 دقيقة مساء يوم 28 نوفمبر وقعت ستة انفجارات في أسمرة”. ولم يذكر المنشور سببها أو مكانها. كما لم يتضح بعد إن كان لها صلة بالصراع الدائر في إقليم تيغراي الإثيوبي المجاور.
وهذه هي المرة الثالثة التي تتعرّض فيها أسمرة للقصف من تيغراي منذ بدأت العمليات العسكرية في إقليم تيغراي بتاريخ الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر، رغم أن جبهة تحرير شعب تيغراي لم تتبن سوى أول هجوم من هذا النوع وقع قبل أسبوعين.
وبررت الجبهة الهجوم حينها باتهامها حكومة إثيوبيا باستقدام الدعم العسكري الإريتري لحملتها في تيغراي، وهو أمر تنفيه أديس أبابا.
ووفق مصادر وكالة فرانس برس، فإن عدة صواريخ استهدفت على ما يبدو مطار أسمرة ومنشآت عسكرية فيها. لكن على غرار الهجمات السابقة المماثلة، لم يتضح مكان سقوط الصواريخ أو الأضرار التي تسببت بها.
“استعادة السيطرة”
ويأتي ذلك غداة إعلان رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد سيطرة قوات بلاده على إقليم تيغراي. أعقبه إعلان “الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي” وهي حزب سياسي بدأ معركته ضد الحكومة في الرابع من نوفمبر تشرين الثاني، انسحابها من عاصمة الإقليم.
وتقول الحكومة إن “الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي” بدأت الصراع بشنّ هجوم مفاجئ على القوات الاتحادية. بينما تقول الجبهة أن الهجوم كان “ضربة وقائية”.
ولا يمكن التحقق بشكل مستقل من مدى صحة إعلان أبيي بأن ميكيلي عاصمة الإقليم، التي تضم نصف مليون نسمة، باتت حاليا تحت سيطرة الحكومة بشكل كامل. وعموما يصعب على الصحافة الدولية التحقق من صحة ادعاءات الطرفين نظرا لانقطاع الاتصالات
الهاتفية والإنترنت بالمنطقة بالإضافة إلى فرض قيود مشددة على دخول الإقليم منذ اندلاع القتال.
صراع قديم جديد
يذكر أن الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي هيمنت على السياسة الإثيوبية من عام 1991 حتى عام 2018 بوصفها أقوى عضو في تحالف متعدد الأعراق حكم البلاد بقبضة من حديد. وشهدت السنوات الأخيرة من حكمها مظاهرات دامية مناهضة للحكومة. وامتلأت السجون بعشرات الآلاف من السجناء السياسيين.
وعندما وصل أبي إلى السلطة في 2018 سارع بإجراء إصلاحات ديمقراطية تضمنت الإفراج عن سجناء وإلغاء حظر الأحزاب السياسية والتعهد بإجراء أول انتخابات حرة ونزيهة في البلاد.
لكن الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي وبعض الأحزاب العرقية الأخرى تتهمه بالرغبة في جعل الحكم مركزيا على حساب المناطق العشر في إثيوبيا. ويمنح الدستور تلك المناطق سلطات واسعة النطاق في أمور مثل الضرائب والأمن. الأمر الذي ينفيه أبي الحائز على جائزة السلام بقوة.
هروب الآلاف من دوامة الصراع الدائر في تيغراي إلى السودان
وأرجأ أبي هذا العام الانتخابات التي كانت مقررة في أغسطس/آب إلى العام المقبل بسبب جائحة كوفيد-19. واتهمته الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي باغتصاب السلطة وأجرت انتخاباتها الإقليمية في سبتمبر/ أيلول معلنة أنها لم تعد تعترف بالسلطة الاتحادية.
مئات القتلى وآلاف النازحين
وسط ضبابية الوضع على الأرض، تصدر تقارير عن مقتل الآلاف منذ اندلاع الحرب في تيغراي، بينما نزح إلى الجار السودان آلاف اللاجئين. فيما أعلنت الأمم المتحدة يوم أمس السبت أن الخرطوم يحتاج إلى 150 مليون دولار لإنقاذ حياة آلاف اللاجئين. ولجأ منذ ذلك الحين أكثر من 43 ألف إثيوبي إلى السودان المجاور، وفق ما أعلن رئيس المفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة فيليبو غراندي في تغريدة الجمعة.
وقال غراندي خلال زيارة لمخيم اللاجئين أم راكوبة شرق السودان البعيد بنحو 80 كيلومترا عن الحدود السودانية-الإثيوبية إن “السودان بحاجة إلى 150 مليون دولار لمدة ستة أشهر لتوفير المياه والمأوى والخدمات الصحية لهؤلاء اللاجئين”. ودعا “المانحين إلى تزويد السودان بهذه الموارد بأسرع ما يمكن”.
ويعبر حوالي 500 أو 600 لاجئ من الحدود يوميًا إلى السودان، بحسب ما يقول غراندي، مشيرا إلى أنه “ليس عددًا صغيرًا” بل يمكنه أن يؤدي إلى “انهيار دولة غنية”.
ومع احتدام القتال، أعرب غراندي عن قلقه بشأن مصير عشرات الآلاف من اللاجئين الإريتريين الذين يعيشون في إثيوبيا منذ عقود.
وقال داعيا الحكومة الإثيوبية إلى السماح للأمم المتحدة بالوصول إليهم “ليس لدينا إمكانية للوصول إليهم”.