تباين بين آراء قانونيين حول تعديلات عقوبة جريمة ختان الإناث..”مُبالغ فيها”
تباينت آراء خبراء قانونيين، حول موافقة مجلس الشيوخ، نهائيًا، خلال جلسته العامة المنعقدة برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، اليوم الأحد، على مشروع قانون يقضي بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات والمتعلقة بختان الإناث، إذ رحبوا بتغليط العقوبة على الطبيب الذي يجري العملية داخل العيادات المشبوهة، في حين رأى خبير آخر بأن تغليط العقوبة في حالة حدوث عاهة مستديمة للفتاة للسجن 7 سنوات، مُبالغ فيها.
استهدف مشروع القانون، وفقا لتقریر اللجنة المشتركة من لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية، ومكتب لجنة الصحة والسكان، مواجهة ظاهرة ختان الإناث والتي وصفها التقرير بأنها من أبشع الظواهر الاجتماعية التي تضرب بجذورها في أعماق المجتمع المصري، وتمثل انتهاكًا لحرمة جسد الإنسان الذي لا يجوز المساس به في غير دائرة الحق؛ وهو ما يؤثر سلبًا على المقومات الأساسية والأخلاقية التي يقوم عليها المجتمع.
أهابت النيابة العامة في بيانات سابقة لها، بالآباء والأمهات بعدم تعريض بناتهم لعمليات الختان، التي وصفتها بأنها “عادات وتقاليد بالية ظاهِرها الطهارة والعِفَّة، وباطِنها إيذاءٌ وعَذابٌ وإزهاقٌ للأرواحِ”.
كما ناشدت النيابة أطياف المجتمع المختلفة بعدم التستّر والصمت على جريمة الختان، والإبلاغ عن مرتكبيها وطالبيها، وطالبت النيابة العامة المشرع بتشديد العقوبة على الأطباء الذين يمارسون الختان.
أوضح حمادة شعبان الغزالي، المحامي بالنقض والخبير القانوني، ان التعديلات الجديدة التي جرى إدخالها على قانون ختان الإناث بشأن تغليظ العقوبة، يأتي في إطار اهتمام الحكومة ومنبرها التشريعي بقضايا المرأة بشكل عام، وبذل المزيد من الجهود لمنع ظاهرة ختان الإناث باعتبارها أحد أهم الظواهر السلبية التي عانت منها الفتاة المصرية على مدار أعوام عديدة.
وفقا للمحامي فإن ختان الإناث جريمة شنعاء باعتبارها أحد أشكال العنف الذى يتم ممارسته بحقها في سن مبكر لا تقوى فيه على الاستيعاب، ومن الجائز أن تخلق لها تلك الممارسات عاهة مستديمة تسبب لها الوفاة، فضلا عن وجود آثار سلبية نفسية بالغة.
يرى “الغزالي” في تصريحات لـ”أهل مصر” أن الحكومة عازمة بشتى الطرق على فرض عقوبات رادعة لكل من تسول له نفسه المساس بالفتاة وإهانتها بالأشكال اليت جرى العرف عليها في ازمنة مختلفة سابقة، وهو ما يتجلى في التشريعات التي يتم فرضها وتناقشها المنابر المختصة بمؤسسات الدولة، على أن يقوم قسم الفتوى والتشريع بمجلس الدولة بمناقشة مشروعات القوانين التي تقدم إليه.
بدوره لفت المحامي بالنقض والخبير القانوني، حسام سعد، إلى أن تغليظ العقوبة بالصورة التي تجعل جريمة ختان الإناث تصل لـ 7 سنوات في حال حدوث عاهة مستديمة عقوبة، مبالغ فيها، موضحا أن جناية العاهة المستديمة العادية لا يعاقب عليها بتلك العقوبة، ولابد من التأكيد على منع الجريمة من الأساس من خلال نشر أطر التوعية اللازمة في وسائل الإعلام، وإيجاد سبل لإفهام كثيرين بخطورة تلك الجريمة على نفسية المراة، بحسب قوله.
واستطرد المحامي مُرحبا بتغليط العقوبة بالنسبة للطبيب الذي يجري العملية الجراحية فإذا نتج عن “الختان” وفاة الفتاة تكون عقوبته السجن لمدة لا تقل عن 15 عاما، ولا تزيد عن 20 سنة، لأن هذا من شأنه الحد من الممارسات التي يتم ارتكابها بحق الفتاة في العيادات الخاصة التي تجري مثل تلك العمليات.
وأشار “سعد” في تصريح لـ “أهل مصر” إلى أن الترويج لعملية ختان الإناث من العادات السيئة المتوارثة في الريف المصري، وطالب أعضاء المجلس القومي للمرأة ببذل المزيد من الجهود في سبيل الحد من هذا الترويج المبالغ فيه نتيجة الإرث القديم، بجانب تشكيل مجموعة عمل ممثلة في الوزارات والجهات المختصة سواء الحكومية أو الأهلية لوضع خطة طويلة المدى ونشر برنامج عمل للتوعية الدينية والتثقيف الصحي.
أكد نواب مجلس الشيوخ موافقتهم على مشروع القانون وتشديد العقوبات من أجل مواجهة هذه الظاهرة والحد منها، بل وإنهائها، ونص مشروع القانون بتعديل بعض الأحكام على:
المادة الأولى: يستبدل بنص المادتَين (۲۹۲ مکررًا) و(۲۲ مكررًا أ) من قانون العقوبات النصان الآتيان: مادة (۲۲ مكررًا): يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنين كل مَن أجرى ختان الأنثى بإزالة أي جزء من أعضائها التناسلية الخارجية بشكل جزئي أو تام أو ألحق إصابات بتلك الأعضاء، فإذا نشأ عن ذلك الفعل عاهة مستديمة تكون العقوبة السجن المشدد لمدة لا تقل عن سبع سنين، أما إذا أفضى الفعل إلى الموت فتكون العقوبة السجن المشدد مدة لا تقل عن عشر سنین .
وتكون العقوبة السجن المشدد إذا كان من أجرى الختان طبيبًا أو مزاول لمهنة التمريض المشار إليه بالفقرة السابقة، فإذا نشأت عن جريمته عاهة مستديمة تكون العقوبة السجن المشدد لمدة لا تقل عن عشر سنين، أما إذا أفضى الفعل عن الموت فتكون العقوبة السجن المشدد لمدة لا تقل عن خمس عشرة سنة، ولا تزيد على عشرين سنة، وتقضي المحكمة فضلًا عن العقوبات المتقدمة بعزل الجاني من وظيفته الأميرية مدة لا تزيد على خمس سنين إذا ارتكبت الجريمة بسبب أو بمناسبة تأدية وظيفته، وحرمان مرتكبها من ممارسة المهنة مدة مماثلة، وغلق المنشأة الخاصة التي أجرى فيها الختان، وإذا كانت مرخصة تكون مدة الغلق مساوية لمدة المنع من ممارسة المهنة مع نزع لوحاتها ولافتاتها، سواء أكانت مملوكة للطبيب مرتكب الجريمة أم كان مديرها الفعلي عالمًا بارتكابها، وذلك بما لا يخل بحقوق الغير حسن النية.
مادة ٤٢ مكررًا أ: يعاقب بالسجن كل من طلب ختان أنثى وأن ختانها بناء على طلبه على النحو المنصوص عليه بالمادة ٢٤٢ مكررًا على النحو المنصوص عليه بالمادة (۲۲) مكررة، كما يعاقب بالحبس كل مَن روج أو دعا بإحدى الطرق المبينة بالمادة (۱۷۱) إلى ارتكاب جريمة ختان أنثى ولو لم يترتب على فعله أثر.
في عام 1992، أكدت منظمة الصحة العالمية في المؤتمر الذي عقد في هولندا رفضها إجراء عملية ختان الإناث طبياً مهما كان نوعها، ودار جدل كبيرحول هذا الموضوع بسبب تزايد الهجرة الصومالية واقتراح منظمة لحماية الأطفال يعمل فيها أطباء وممّضات بوضع قانون يسمح إجراء ختان خفيف في المستشفيات من قبل أطباء النساء والتوليد. وتحت ضغط المنظّمات النسائيّة، تراجعت الحكومة عن هذا الإقتراح.